للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم الغرر والجهالة ثلاثة أقسام: كثير، ممتنعٌ إجماعا، كالطير في الهواء، وقليلٌ، جائز إجماعا، كأساس الدار، ومتوسطٌ اختلف فيه، هل يُلحق بالقليل أو الكثير، فلِارتفاعه عن القليلِ أْلْحِق بالكثير، ولانحطاطه عن الكثير أْلْحِق بالقليل.

فائدة: قال أبو الفضْل عياض: الغَرَرُ مالَه ظاهرٌ محبوب وباطِنٌ مكروه، ومنه سُمّيتْ الدنيا متاعَ الغرور. (٥٣ م). وقد يكون من معنى الخديعة، ومنه قيل للرجل الخَدَّاع: غِرٌّ بكسر الغيْن، ويقال للرَّجُلِ المخدوع أيضا، ومنه قوله عليه السلام: "المُومِن غِرٌّ كريم". (٥٤).

القاعدة الثانيةَ عشرة:

أقرِّرُ فيها خيار المجلس وخيار الشرط، (٥٥) فأقولُ:

خِيارُ الشرط عارضٌ للبيع، يَحْصُلُ عند اشتراطه وينتفي عند انتفاء شرطه، بخلاف خيار المجلس عند من يقول به، فإنه يقول: هو من خواص البيعِ وما في معناه من غير شرط، بل من لوازمه.

واعْلَمْ أن الأصل في العقود، اللزُومُ، (٥٦) لأن العقود أسبابٌ لتحصيل المقاصِدِ من الأعيان، والأصل تَرَتُّبُ المسبَّبات على أسبابها، فلهذا لا نقول بخيار المجلس، لأنه جاء على غير الأصل، خلافا لابن حنبل والشافعي، فإنهما قالا بخيار


(٥٣ م) ومنهُ الآية الكريمة ١٨٣ من سورة آل عمران: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
(٥٤) أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم عن أَبَي هريرة رضي الله عنه: "المومن غِرٌّ كريم، والفاجر خَبٌّ لئيم". أيّ إِنَّ المومن يكون حَسَنَ النية، ويُصَدِّق بالفطرة ما يسمع أو يقال له، وتنطوي نفسه على الكرم والمسَاحْة في: حْال المعاملة، بينما الفاجر مخادِع لئيم محتال في أقواله وأعماله، والعياذ بالله من ذلك.
(٥٥) هي موضوع الفرق السادس والتسعين والمائة بين قاعدة خيار المجلس وقاعدة خيار الشرط. جـ ٣. ٢٦٩. علق عليه ابن الشاط في أوله بقوله: ما قاله حكايةُ قولٍ ولا كلام في ذلك.
(٥٦) قال ابن الشاط: يقال بموجب ذلك الاصل بعد خيار المجلس لا قَبْلَهُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>