للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة التاسعة:

أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن، (٣٣) فأقول:

كل امرأتين بينهما من النَّسب أو الرضاع ما يَمْنَعُ تنَاكُحَهما لوْ قُدِّرَتْ إحْدَاهما رجُلًا، لا يجوز الجمع بينهما في الوطء بعقد ولا مِلْكٍ، قاله مالك والشافعي وأبو حنيفة وابن حنبل رضي الله عنهم. وقد خرج بقيدَيْ النسَب والرضاع المرأةُ وابنةُ زوْجها، والمرأةُ وأمُّ زوجها، فإنه لو فُرِض أحدُهما رجلا والآخَرُ امرأةً لم يَجُزْ أن يتزوج أحدهما الآخَر، بسبب أن المرأة حينئذ إما أمّ امرأة الرجل أو ربيبتُه، فتَحْرُمُ على ذلك الرجل، ومع ذلك يجوز (٣٤) الجمعُ بينهما. فإذا قلنا: من النسب أو الرضَاعِ ما يمنع التناكُح، خَرَجَا عن الضابط وبقِي جَيِّدا، وقبْلَ خروجهما كان الضابِطُ غَيْرَ مانِعٍ، وفي الضابط مسألتان:

المسألة الأولى: من أبَان امرأته حلَّتْ له أختها في عِدَّتها، وحلَّتْ له الخامسة، لانقطاع الموارثة بينهما والعصمةِ، وإنما العِدَّة لحفظ الأنساب.


(٣٣) هي موضوع الفرق المائةِ والخمسين (١٥٠) بين قاعدة ما يَحْرُمُ الجمع بينهن من النساء وبيْن ما يجوز الجمع بينهن. جـ ٣. ص. ١٢٩.
وقد علق العلّامة ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذا الفرق فقال: ما قاله فيه صحيح، غيْرَ ما علَّل به من قوله: "بسبب أن المرأة حينئذ إمَّا أمُّ امرأة الرجُل أو ربيبتُه"، فإن قوله إما أمَّ امرأة الرجل لَا يصح إلا على تقدير أن المرأة رجل، وأن أم زوجها أمُّ زوجته، فيتعيَّن المعَّرف وهو المضاف اليه، وحقُّهُ الَّا يتعَين، لأنه إذا تعَين يتعيَّن فرض المسألة. وهذا الاعتراض متعلقٌ بالمسألة الثانية، وأما الأولى فيسقط عنها مثل هذا الاعتراض، للاشتراك في لفظ ربيبته، فإنه يقال على زوحة الاب في العُرْف الجاري الآن وعلى بنت الزوج والزوجة.
(٣٤) في نسخة ح: يجوز بدون الفاء، وهو ما عند القرافي، وفي نسخة ت: لا يجوز بالنفي، وهو يبدو خطأ من الناسخ. والصواب الذي يقتضيه المعنى المراد هو الإِثبات، فلْيُنظَر ذلك ولْيُتَأمل، للتصحيح، والتحقيق في سلامة التعبير والمضمون المستفاد منه، فإن المسألة دقيقة جدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>