للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما لا تصح فيه النية أيضاً أن يقول: والله لأعطينك ثلاثة فى دراهم، فينوي إلا درهماً واحداً. وإنما لم تكف النية، لما تقدم من أن المجاز لا يدخل النصوص (٨٧).

ووقع الخلاف في قولك: لقيت القوم، وأنت تريد إلا فلانا، فقيل: لاتؤثر النية هاهنا من حيث إن النية لا تعتبر في نزولها منزلة اللفظ المخرج للبعض، فيكون اللفظ هو المخرج. وقيل: تؤثر، لأن الاخراج بها كما هو باللفظ لا أنها عوض اللفظ، واللفظ هو المخرج. والمقصود منهما حاصل على السواء، والله أعلم.

القاعدة السادسة: (٨٨).

أقرر فيها الفرق بين مخالفة النهي، لم كان يقتضي التكرار ومخالفة اليمين لا يقتضي التكرار

وهما قد اشتركا في العموم، فإن النهي يقتضي العموم، والنفي يقتضي العموم، فأنت إذا قلت: لا تضرب زيدا، متى وقع ضربه تكرر الإثم بتكرار الضرب، فإذا قلت: والله لا أضرب زيدا، فإن ضربته مرة فقد لزمتك الكفارة وانحلت اليمين بحيثِ لا كفارة بعد ذلك تلزم فيها، فأقول:


(٨٧) عبارة القرافي هنا: (المسألة التاسعة) التي لا تؤثر فيها النية، الاستثناء في النصوص، نحو: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة، ووالله لأعطينك ثلاثة دراهم إلا واحداً، فلو نوى بالطلاق الثلاث طلقتين، وبالدراهم الثلاث درهمين، فهذا لا يصح إلا بالاستثناء ولا تكفي هذه النية، لأنها لو كفته لدخل المجاز في النصوص وهو لا يدخل فيها، ولا معنى للمجاز إلا استعمال الثلاث في الاثنين، وإنما يصح المجاز في الظواهر، وقد تقدم بيانه، فلا يمكن أن تقوم النية هاهنا مقام الاستثناء، البتة (أي قطعاً).
وقد قال ابن الشاط عما جاء عند القرافي في هذه المسألة التاسعة والتي بعدها: ما قاله القرافي فيهما صحيح ظاهر، والله أعلم.
(٨٨) هي موضوع الفرق الثاني والثلاثين والمائة بين قاعدة مخالفة النهي إذا تكررت يتكرر التأثيم، وبين قاعدة مخالفة اليمين إذا تكررت لا يتكرر بتكررها الكفارة، والجميع مخالفة). جـ ٣، ص ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>