للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الرابعة:

قال مالك: إذا صلى الصبيُّ في الزوال ثم بلغ في القامة وجبَ عليه أن يصَلِىَ مرَّةً أخْرَى، لأنَّ الوُجُوبَ تَرَتَّب عليه حينَئذٍ، وما كان صلَّاة ليس بواجب، وغيْر الواجِب لا يجزئ عن الواجب. وقال الشافعي: لا يعيد، لأن الصلاة قد وقعَتْ بعد سببها، ولم يخاطَبْ أحد بصلاتين لِسبب واحد.

القاعدة السادسة (٥٦)

نقرر فيها أنه أشياء جاءتْ في الشريعة، يُتَوَهّمُ أنها ناقِضَةٌ علينا القاعدةَ الخامسةَ، وهي أن ما ليس بواجب لا يجزئ عن الواجب

فمن ذلك أن الزكاة إذا عجلت قبل الحول، إما بالشهر ونحوِه عندنا، وإما في أول الحول عند الشافعي، فهو قول بإجزاء ما ليس بواجب عن الواجب، فإن دَوَرَانَ الحَوْل شرط في الوجوب وهو لم يقع، والمشروطُ لا يتقدم شرطَه، فنقولِ:

الفرق أن هذا جاز من حيثُ إنه إن لم تكن الزكاة واجبةً في الحالِ فهِى واجبةٌ في المآلِ، والمُخرِجُ إنما قصَدَ بالِإخراج الوجُوبَ. بخلاف صدقة التطوع عن الواجب، إنما قَصَدَ التطوعَ، فلم يُجْزِ فيها وفي أمثالِها مَا ليس بواجب عن الواجب، وهنا أجزأ، لأن لذلك الشئ اعتبارا أنه واجبٌ، وذلك في المآلِ، وإن لم يكنَ واجبًا في الحالِ، والذي قَبْلَه ليس بواجب في الحال ولا في المآل، ولذلك قلنا: لا يُجْزِئ، والله أعلم.

ولْنَذْكُرْ مسألتين (٥٧):


(٥٦) هى موضوع الفرق الرابع والخمسين بين قاعدة ما ليس بواجب في الحال والمآل وبين قاعدة ما ليس بواجب في الحال وهو واجب في المآل جـ ٢ من كتاب الفروق ص ٢٤.
(٥٧) هاتان المسألتان نص عليهما الامام القرافي رحمه الله، وذكرهما في كتابه الفروق أثناء الكلام على هذا الفرق ٥٤، ذلك ان عبارة الشيخ البقورى رحمه الله توصى وتفهم في أول الأمر أنهما من زياداته وإضافاته للكتاب الأصلى، فكان من الأنسب التنبيه إلى مثل هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>