للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل على حصر التامة في هذه الثلاثة أن الأمر العام في جميع الأسباب التامة إما أن يمكن إبْطاله أوْ لا، فإنْ أمْكن إبطاله، فهو النكاح، لأنه يبطل الطلاق، وإنْ لم يمكن إبطاله فإما أن يقتضي التوارث من الجانبين غالبا وهو القرابة، أو لا يقتضي إلا من أحد الجانبين وهو الولاء، يرث الموْلى الأعْلى الأسفلَ، ولا يرث الأسفَلُ الأعلى.

وقولنا: غالبا، احترازاً من العَمّة ونحوها، فإنها يرثها ابن أخيها ولا تَرثه. (١٥).

القاعدة الثالثة

في تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه. (١٦).


(١٥) قال ابن الشاط: ما ذكره من سبب الحصر للأسباب الثلاثة في ثلاثة، وإن كان مفيدا للحصر، ليس بسديد، فإنَّ ما ذكره في النكاح وهو كونه يمكن إبطاله، أجنبي عن كون النكاح سبَبَ الميراث، فإنه لا يصح أن يكون النكاح اللاحقُ به الإبطالُ سببا، وإنما يكون سببا للنكاح الذي لا يلحقه إبطال، فإذا ثبتت سببيته لم ترتفع الاستحالة رفع الواقع. وما ذكره في القرابة أمرٌ ثانٍ عن كون سبب الِإرث ليس مطلق القرابة، لان السببية ثابتة عنه مع عدم اطراده. وما ذكره في الولاء كذلك أمرٌ ثان عن كون سببيته ليست مطلقةً، والأوْلى أن يقال: إنهم ما حصروها في ثلاثة إلا لكونها أموراً مختلفة، ثم لم يوجد سبب الميراث سواها. ثم إنها ليسَتْ أسباباً على الإطلاق، بل مقَيَّدةٌ بتعيين من يَرِثُ بها.
(١٦) موضوع الفرق الحادي والخمسين والمائتين بين قاعدة أسباب التوارث وقاعدة شروطه وموانعه ". جـ ٤. ص ١٩٨. قال عنه الشيخ ابن الشاط: ما قاله القرافي في صدر هذا الفرق صحيح.
قال القرافي رحمه الله تعالى في أوله: لَمْ أر أحداً من الفَرضيين يذكرُ إلا أسباب التوارث وموانعه ولا يذكر أحد منهم شروطه قط، وله شروط قطعا كسائر أبواب الفقه، فإن كانوا قد تركوها لأنها معلومة، فأسباب التوارث معلومة أيضا. فالصواب استيعاب الثلاثة كسائر أبواب الفقه.
وإن قالوا: لا شروط للتوارث، بل أسباب وموانع فقط, فضوابط الأسباب والموانع تمنع من ذلك، وقد قال بعض الفضلاء: إذا اختلفتم فى الحقائق فحكِّموا الحدود (أي التعاريف)، وقد تقدم في أول الكتاب في الفروق أن السبب يلزم من وجوده الوجودُ، ومن عدمه العدَمُ. والشرط يلزم من عدمه العدم, ولا يلزَم من وجوده وجوُدٌ ولا عدمٌ، والمانع ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجودٌ ولا عدم.
فبهذه الحدود والضوابط يظهر أن للتوارث شروطا، وها أنا أذكرها على هذا الضابط فأقول: شروط التوارث ثلاثة كالأسباب ... إلخ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>