للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخصوص كونه زوجاً مع عموم النكاح كما تقدم، فسببه مركَّبٌ، وكذلك الزوجة. (١٢)

إذا ظهر ذلك، فإن أرادُوا حَصْر الأسباب التامةِ في ثلاثة فهي أكثر من عَشرة بالإِجماع، أو الناقصة التي هي أجزاء الأسْباب، فالخصوصات - كما رأيت - كثيرة، فلا يستقيم الحصْرُ مطلقا لا في التام ولا في الناقص، فتنبّه لهذا، فهو حسَن لم أر أحداً لخصَهُ ولا تَعَرَّضَ له. (١٣)

وحينئذ أقول: إن أسباب القرابة وإن كثرت فنحن لا نريدها، ولا نريد الناقصة التي هي الخصوصات، بل الناقصةَ التي هي المشترَكات، وهي مطلق القرابة، ومطلق النكاح، ومطلق الولاء. (١٤).


(١٢) قال ابن الشاط هنا معلقا على هذا الكلام عند القرافي:
إذا كان سببُ الإرث، الخاصُّ: الوصفَ الخاصُّ فلا معْنى لذكر الوصف العام معه. فقَوله: مع مطلق القرابة، لا حاجة إليه، فمن المعلوم أن الوصف العام صادق على الخاص، لكنه ليس العام سببا من حيث عمومه، بل من حيث اشتمل على الخاص، والخاصُّ سبب، فإذا قال قائل: ما سبب وراثة البنت النصفَ؟ قيل: كوُنها بنتا، وهو جواب مستقيم صادق، وإن قيل: كونها قريبةً لم يكن جوابا مستقيما ولا صحيحا. وإذا قيل: ما سببُ وراثة البنت؟ فقيل: كونها بنتاً، كان جوابا مستقيما وصحيحا أيضا، وإن قيل: كونها قريبة لم يصِح أيضا، لأن القرابة ليست مختصة بالبنت، فالصحيح أن سبب ميراث البنتِ النصف، كونها بنتا على الخصوص، وكذلك سبب ميراث كل صِنْفٍ من أصناف الوارثين والوارثات، أسباب ميراثهم خاصة لا عامة، وما قاله من أن السببَ مركبٌ لا معنى له عند النظر إلى خصوص الميراث كالنصف وشبهه، ولا عند النظر إلى عموم الميراث أيضا، لأنه جعل العموم مطلق القرابة ليس مطْلَقُ القرابة سببا لمطلق الميراث عندنا، نعم، هو سبب عند الحنفية.
(١٣) علق ابن الشاط على هذا الكلام عند القرافي، فقال: قوله: هي أكثرُ من عَشَرَة، إن أراد بذلك ما يخص كلَّ صنف من الوارثين والوارثات - على ما جرتْ به عادة أكثر الفرضيين في عَدِّهم أصْنافَ الوارثين عشرة وأصنافَ الوارثات سبعة فذلك صحيح، وإن أراد بذلك ما يخص كل صنف على ما هو الأولى في ذلك فليس قوله ذلك بصحيح، فإنها أكثر من عشرين لا أكثر من عشرة. وقوله: بالإجماع، ليْسَ بصحيح. وأى إجماع في ذلك مع توريث الحنفية ذوِي الأرْحام. وقوله: أو الناقصة التي هي أجزاء الأسباب، فالخصوصيات - كما رأيت - كثيرة، إن أراد بالخصوصات مطلق القرابة التي كل خصوص منها أعم من الخصوص الذي تحته من الخصوصات التي عدَّها الفرضيون فذلك صحيح، وإلا فلا أدْري ما أراد.
(١٤) قال ابن الشاط: هذا الكلام الذي ذكره هنا مناقض في ظاهره لقوله: إن أسباب القرابة، وإن كثرتْ، فنحن لا نريدها، لكنه إنما أراد لا نريد مطلق القرابة من حيث هي القرابة لا خصوص كون القرابة بنوَّة مثلا، ولكن نريد ما هو أخص من الأول وأعم من الثاني، وهو قرابةٌ مَّا، ونكاحٌ مَّا، وولاءٌ مَّا. ثم بيّن ذلك بما قرره ضابطا بعد هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>