للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا وقع مثل هذا فالمراد به توجُّه الخطاب لثمرته او لسببه، مثل قوله تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} (٤١) فإن الرأفة - أيضا - أمر يهجم على القلب، فيتَعيَّن الحمل على الثمرة، وهى تَنقيصُ الحَدِّ" (٤٢).

ومثال ما هو غير مقدور ويُحمَل على سببه قوله تعالى: {سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}. (٤٣) يتعَيَّن ها هنا الحمل على سَبب المغفرة، وهو الطاعة، فيكون من مجاز التعبير بالمسبّب عن السبب، والأول من مجاز التعبير بالسبب عن السبب. ومثل هذا قوله تعالى: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (٤٤)، إذ الموت لا يُنهى عنه، فتعَيَّن حملُه على سبَبٍ يقتضي حصول الموت على حالة الاسلام، وهو تقديم الاسلام قبل ذلك والتصميم عليه، وهذا كثير في كلام العرب.

القاعدة الخامسة:

في تقرير أنه ما ليس بواجب لا يُجْرِئُ عن الواجب. (٤٥)

بيان ذلك من حيث إن حقيقة الواجب تخالف حقيقة ما ليس بواجب.

فالآتي بإحدى الحقيقتين مكان الاخرى كمن لم ياتِ بشئ أصْلًا. ولهذا نقول: إن صلاة ركعة الوتر لا تجزى عن ركعة من صلاة الصبح، وألْفُ دينار، صدقَةً، لا تجزى عن شاة وجبتْ عليه، وأمثال هذا، وكل ما جآء على هذا الحساب فقد جاء على الأصل، وما جاء على غير هذا فهو على غيْر الاصل.

ووقع في الذهب سبعُ مسائل يجرى قولٌ ممَّا قيل فيها على خلاف الأصْل.


(٤١) سورة النور، الآية ١٢.
(٤٢) في نسخة أخرى: وهى نقيض الحد. وَلِكِلَا اللفظين معنى ووجه، والأوّلُ أظهَرُ.
(٤٣) سورة آل عمران. الآية. ١٣٣
(٤٤) سورة آل عمران: الآية ١٠٢. أولهما قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
(٤٥) هم موضوع الفرق الثالث والخمسين بين قاعدة إجزاء ما ليس بواجب عن الواجب، وبيْن قاعدة تعيُّن الواجب، جـ ٢. ص ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>