للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسم منها يقارن، لا يتقدم ولا يتأخر، كالأسباب الفعلية في حيازة المباح، كالحشيش والصيد، كشرب الخمر والزنى (أيْ لِلْحدود)، ومنها ما يتقدمُ الحكمُ على السبب كوجوب الدية قبل الموت في قتل الخطأ، وسَبُبَها زهوق الروح.

قلت: هذا ممنوع، بل نقول: ما تجب إلا بَعْدَ الموت، وكونها تورَث عنه ليس لأن ملكه قد تقدَّم لها، بل لأن الشرع جعل لها حكم المال الملوك للميت، فقضَى للورثة بأخْذها على أنصبائهم في الوراثة.

وقسم يتقدم ويتأخرُ مسببه، كبيع الخيار يتأخر فيه نقْلُ الملك عن العقْدِ إلى الإمضاء على الصحيح، وكالوصية يتأخر نقلها للملك في الموصى به إلى ما بعد الموت. (١٨)

وقسمٌ اختلِف فيه كالأسباب القولية، هل تقع مسَّبباتها معها أو بَعْدَها على ما مضى من مذهب أبي إسحاق الإسفرايني وغيْره. (١٩)

القاعدة الخامسة (٢٠)

نقرر فيها ما يشترط فيه إجماع الشروط والأسباب وانتفاء الموانع، وما لا يشترط فيه ذلك، فنقول:

الإنْشآءات كلها يُشْتَرَط فيها ذلك، والإِقرار لا يشترط فيه ذلك، ومعنى


(١٨) قال ابن الشاط: إنما تأخر نقْلُ المِلك في بيع الخيار، لأن البيع إنما ثبت من أحد الطرفين، دون الآخَر، فهو عقد غيْرُ تامٍّ، متأخّر مسبَّبه إلى تمامه.
(١٩) عقب ابن الشاط على هذا القسم المختلف فيه بقوله: الأمر في ذلك الخلاف قريب، ولا أراهُ يؤول إلى طائل.
(٢٠) هي موضوع الفرق الواحد والعشرين بعد المائتين بين قاعدة ما يشترط فيه اجتماع الشروط والأسباب وانتفاء الموانع وقاعدة ما لا يشترط فيه ذلك .. جـ ٤. ص ٣٧.
قال القرافي رحمه الله في أوله: إعلَمْ أن الإنشاءات كلها كالبياعات والإجارات والنكاح والطلاق وغير ذلِكَ يشترط فيها حالة إنشائها مقارَنة ما هو معتبر فيها حالة الإنشاء، بخلاف الإقرارات لا يشترط فيها حضور ما هو معتبر في المُقَرِّ بِهِ حالة الإقرار، لأن الإقرار ليس سببا في نفسه، بل هو دليل تقدم السبب لاستحقاق المقَرِّ بِهِ في زمن سابق .. الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>