قال شهاب الدينِ القرافي رحمه الله في أول الكلام على هذا الفرق: إعلَمْ أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفَع الخلاف، ويَرْجعُ المخالِفُ عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغيَّرُ فتْيَاه بعد الحكم عما كانت عليه، على القول الصحيح من مذاهب العلماء .. وقد علق الفقيه ابن الشاط على كلام القرافي هذا بقوله: قلت: ما قاله القرافي يوهم أن الخلاف يبطل مطلقا في المسألة التي تعلق بها حكم الحاكم، وليس الامر كذلك، بل الخلاف يبقى على حاله، إلا أنه إذا اسْتُفتي المخالِفُ في عيْن تلْك المسألة التي وقع الحكم فيها لا تسوغ الفتوى فيها بعينها، لأنه قد نفذ منها الحكم بقولة قائل ومضَى العمل بها، فإذا استفْتِيَ في مثْلِها قبْلَ أن يقع الحكم فيها أفتَى بمذهبه على أصْله، فكيف يقُولُ: يَبْطُلُ الخلاف، ولو بطل الخلاف لما ساغ ذلك، نعَم يبطُلُ الخلاف بالنظر إلى المسألة المعيَّنَة خاصة ... اهـ.