للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمضي لها تسعة أشهر لا يُعتبر لها ثلاثةُ أشهر في تلك التسعة، بل تُؤْمَرُ باستئناف ثلاثة أشهرٍ، تكملةَ السنة. فالجواب أن العِدَّة مُرتَّبَةٌ على سببها، وذلك الوفاة أوْ الطلاق لا على العلم بها، فلا يُحتاجُ إلى استئناف عِدة، بل تكون عدَّتها من حين الوفاة أو الطلاق وإن لم تعلم بها، لأن من شرط المسبَّب أن يتأخر عن سببه وقد حصل.

وأما مسألة الاستيراء فالعدة بالأشهر التي ارتابت، ما كان ذلك لها إلا بسبب اليَأس، ولم يحصل اليأس إلا بعدّ تسعةِ أشهر، فلأجْل ذلك استانفت ثلاثة أشهر. إذ سببُ العِدة بالأشهر اليأسُ، وهو لم يحْصلُ قَبْل تسعة أشهر. وإنما حصل بعد تمامِها. واللهُ أعلم، فظهر الفرق بينهما.

القاعدة الثانية والعشرون:

في الفرقِ بين العدة والاستياء حتَّى كانت العدة تجب وإنْ عُلِمَ برآةُ رحِمِهَا، والاستبراءُ لا يجب إذا عُلِمَ برآة رحمها، (١٢٠) فنقول:

كان ذلك من حيث إن الاستيراء معقُول المعنَى، ما شُرع إلا ليحصُل تحقق برآةِ الرحم، فإذا حصل فأيُّ حاجة فيه؟ وأما العِدَّة فَفِيها معْني تعبُّديٌّ، فالمرأة المعتدة، وان علمتُ برآة رحمها، لابُدَّ لها من العدة، للمعنى التعبدي الذي فيها، وإن كانت من حيث الجملة شُرِعتْ لبرآة الرحم وعدم اختلاط الأنساب، فهي من هذا الوجه كالاستبراء، ولكنها ما خَلتْ عن شائِبةِ التعبد، فلذلك كان هذا الفرق بينهما، والله أعلم.


(١٢٠) هي موضوع الفرق السادس والسبعين والمائة بين قاعدة العِدَد وقاعدة الاستبراء. جـ ٣. ص ٢٠٢. لم يعلق عليه بشيء، الفقيه المحقق ابن الشاط رحمه الله.
قال في أولِهِ القرافي رحمه الله: "إنْ العدة تجب وإن عُلمَتُ برآة الرحم، كمن طلقها زوجها غائبا عنها بعدَ عشر سنين، وكذلك إذا توفي عنها، والاستبراءُ ليس كذلك".
قلت: وذلك يُظهِر بجلاء وضوحٍ الجانب التعبدي الملحوظ في العدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>