للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقوى وهو (٨٤) المرجِّح، لأن المرأة في حوزه وتحت يده، والدارُ له، ألا ترى أنه عليه أن يُسكِنها.

ووافقنا أبو حنيفة في هذه المسألة من حيث الجملة، لكنه قال: ما يصلح لهما فهو للرجل إن كان حيًّا، وإن كان ميتا فهو للمرأة. وقال محمد بن الحسن من أصحابه: هو لورثة الزوج كقولنا. وقال أبو حنيفة أيضًا: إن تداعيا شيئًا وهو في أيديهما يُشاهدُ، قسيم بينهما. وإن اختلف العطار والدّباغ في الجلد فإنه يُقَسم بينهما، فتناقض قوله في هذه الفروع، وإن كان من حيث الجملة موافقًا لنا.

وقال المُغيرة من أصحابنا: ما يصلح لهما قُسِمَ بينهما بعد أيمانهما، وسواءٌ في هذا كله اختلفا قبل الطلاق أو بعده، أو بعد خُلع أو لِعَان أو غير ذلك، أو ماتَا أو أحدُهما واختلف الورثة، كان الزوجان حُرَّيِن أو عبدّين، أوْ أحدُهما حُرًا والآخَرُ عبدا، كانت الزوجة ذِمِّية أم لا، وسواء في هذا كله كانتْ لهما عليه يدٌ شاهدة أو حُكميّةٌ، فاليدُ الشاهدة أن يكونا قابضين على الشيء فيتجاذبانه، والحكميةُ أن يكونا في الدار التي سكناها، وسواء في هذا كله الزوجان والأجنبيَّان إذا سكن رجل وامرأة في دارٍ، والله أعلم.

القاعدة السابعة عشرة:

أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح، (٨٥) فأقول


(٨٤) لعل الانسب والصواب: وهي، لأن اليد مونثة في مختلف معانيها، من اليد الجارحة، والنعمة، والقدرة، والسلطان، وغيرها كما سيأتي بعدُ في قوله: "وسواءٌ كانت لهما عليه يد شاهدة أو حُكمية". يقول القائل في الكريم النفس الذي يحفظ الإحسان في نفسه فيرُدُّ الجميل بالجميل، والإحسان بأكثر منه:
أفاداتكم النعماءُ مني ثلاثةً ... يدي ولساني والضمير المحجَّبَا.
(٨٥) هي موضوع الفرق الثالث والاربعين والمائة بين قاعدة الوكالة وبين قاعدة الولاية في النكاح" جـ ٣. ص ١٠٤.
وقد عقب الشيخ ابن الشاط في أول كلام القرافي عن هذا الفرق، فقال:
"قلتُ: هذا الفرق عندي فاسد الوضع، فإنه لا فرق بين البيع والنكاح من حيث إن السلعة إذا هلكت كان هلاكها فَوتًا، ونفوذ للعقد الثاني، وكذا في المسائل الثماني التي ذكر الفرق فيها. وإنما يحتاج إلى الفرق بين هذه المسائل والمسائل التي ذكر عدم الفوت فيها. وأما الفرق بين تَينك القاعدتين فليس بصحيح، والله أعلم"، أهـ كلام ابن الشاط رحمه الله. =

<<  <  ج: ص:  >  >>