للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة الرابعة: (٢٦)

نقرر فيها الفرق بين الاستثناء من النفي فى الشرط, ومنه في غير الشرط، فنقول:

الاستثناء من النفي فيما عدا الشرط إثبات، إذ لو لم يكن كذلك لما كان قولنا: لا إله إلا الله قولاً مثبِتًا للتوحيد، وذلك باطل، فالقول بأن الاستثناء من النفى ليس بإثبات، باطل. وأما أنه في الشرط ليس كذلك، فذلك لما تقدم تقريره من أن السبب هو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، والشرط يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجود المشروط. نعم وجود المشروط متوقف على وجوده، والمانع بالعكس من الشرط، وقد مضى هذا مقررًا أول الكتاب.

ومن حيث هذا الاعتبار كان قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة إلا بطهور" (٢٧) لا يلزم منه قبول الصلاة بالطهارة, لأنها قد لا تقبل، لفقد سببها، وهو دخول الوقت مثلاً. أو لغير ذلك. وكذلك قوله عليه الصلاة


(٢٦) هي موضوع الفرق الرابع والسبعين بين قاعدة: الاستثناء من النفي إثبات في غير الشرط، وبين قاعدة: الاستثناء من النفي ليس بإثبات في الشروط خاصة دون بقية أبواب الاستثناء" جـ ٢، ص ٩٥.
قال عنه القرافي في أوله رحمه الله: هذا الفرق مبنى على قاعدة، وهي أن السبب يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، والمانع يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم. وهذه الحقائق تقدم بسطها وتحريرها والفرق بينها في الفروق التاسع والعاشر والحادي عشر من كتاب الفروق.
(٢٧) حديث صحيح، وفي رواية أخرى: "لا تُقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غُلُول". والغلول هو الخيانة والسرقة من مال الغنيمة في الجهاد قبل قسمها من طرف الخليفة بين المجاهدين، أو من المال العام للأمة، والمؤتمن عليه من قبل الدولة، أو غيره من المال الخاص. وقد جاء في الحديث النبوي الشريف التنبيه إلى ذلك والتحذير منه في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. "من استعملناه على عمل فرزقناه منه رزقًا، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول وخيانة". وقد قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: ١٦١] (أي أن يسرق منه شيء). {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>