للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال شهاب الدين: إن الجدَّ في باب المواريث يقول: أنا أبو أبيه، لأن الإِبن يحجب الأبَ عن جملة المال إلى سُدُسه، وكان هذا جاريا في الأبواب الاربعة، ولكنه افترق الميراث من الأبواب الثلاثة بأن الجد يسقط الإِخوة للأم ولا تسقطهم الإِخوة الأشقاء ولا للأب، وأن. الجدَّ يرِث مع الابن، بخلاف الإِخوة. فلَمَّا عارَضَ هذيْنِ الوجهيْنِ حُجَّةُ الأخُوَة بالبنُوَّة، سُوّيَ بالإِخوة في باب ميراث النسب، لأنه الذي حصل فيه التعارض، وهذا التعارض منفي في الأبواب الثلاثة، بسبب أن الْإِخْوة للأم لا مدخلَ لهم في باب النكاح ولا ميراثِ الولاء ولا صلاةِ الجنازة حتى يقول الجدُّ لهم: أنتم عاجزون عن دفع هؤلاء، وأنا لا أعجز عن دفعهم، فتبقى حجتهم بالبنوة وتقديمِها على الأبوة سالمةً عن المُعارِض، فَقُدِّموا في الأبواب الثلاثة، بخلاف ميراث النسَب.

قلت: إذا لم تقع المعارضة من ذلك الوجْه بقِيتْ المعارَضَةُ من وجهٍ آخرَ، وهوَ أن الجد يَرِث مع الابن، بخلاف الإِخوة، وللإِخوة دخلٌ في النكاح إذَا لم يكونوا للأم.

قلت: ويمكن أن يقال: الفرق هو من حيث إن ميراثَ النسب يُسَوَّى الجدُّ فيه مع الإِخوة من حيث إن النسبَ متوقف على الجَدّ، فَبِه يتَحَقَّق، (٩) وهو أبْعَدُ من حيث الخُلْطة والاتصالُ غالبا، فوقع التعارض، وفي المسائل الثلاث تحقَّقَ قربُ الاتصال، الموجبُ للرعْي والشفقة، فكان الجَدُّ مرجوحًا، والله أعلم.

القاعدة الرابعة:

نقرر فيها لِمَ كان للرجل أن يجمع بين عِدّة إماءٍ، ولم يكن له في الحرائر أن يَزِيدَ على أرْبعٍ، (١٠) فنقول:


(٩) كذا في نسخة ع: "فَبِه يتحقق"، وفي نسخة ح وغيرها، "فيه يتحقق أو ليتحقق. وما في نسخة ع أظهرُ وأصوَبُ من حيث الوضوح وسلامة المعنى. فَلْيُنظَرْ ذلك وليتأمَّلْ. والله أعلم.
(١٠) هي موضوع الفرق الرابع والاربعين والمائة بين قاعدة الإِمَاءِ يجوز الجمع بين عدد أيّ عدد شاء منهن، كثُر أو قَلَّ، وبين قاعدةِ الزوجات لا يجوز أن يزيد على أربع منهن" جـ ٣. ص. ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>