للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة الثامنة (٢٨).

نقرر فيها المقاصد ما هي، والوسائل ما هي؟ ،

ثم نذكر الفرق بينهما فنقول:

المقاصد تنقسم إلى مَصَالِحَ ومَفَاسدَ.

فالمقاصد هي المتضمنة لهذيْن، والوسائل: الطرق الفُضِية إلى المقاصد التي المصالح أو المفاسد، ولهذا نقول:

أحْكَامُ الوسائل تَتبَعُ أحكام المقاصد، فإذا كَان المقصِدُ واجباً فالوسيلة إليه تجبُ، وإن كان حرامًا فالوسيلة إليه تحْرُمُ، وإن كان مندوباً فكذلك، أو مكروها فكذلك، أو مباحا، فكذلك. إلا أنه يشكل هذا بإمرار الموسى على من لَا شعر له في الحج، فإن إمرار الموسى وسيلةٌ لإِزالة الشعر إلا في هذا الموضع. فيمكن أن يقال: هو مستثنى، وتبقى لنا القاعدة من تبعيَّة الوسائل للمقاصد.

ومما يخرجُ أيضا من الوسائل عن التبعية دفعُ مال للكفار في فكِّ أسارَى، وهذا من حيث إن إعانتهم بالمال وغيره حرام، ودفع المال إليهم وسيلة إلى الإعانة التي هي محرمة.


(٢٨) هي موضوع. الفرق الثامن والخمسين بين قاعدة المقاصد وقاعدة الوسائل، جـ ٢، ص ٣٢. قال في أوله القرافي رحمه الله: "وربّمَا عُبِّر عن الوسائل بالذرائع، وهو اصطلاح أصحابنا (المالكية)، وهذا اللفظ الشهور في مذهبنا. ومعناه حَسْم مادة وسائل الفساد، دفعًا لها". ثم قال: وليس سدُّ الذرائع من خواص مذهب مالك كما يتوهمه كثير من المالكية، بل الذرائع ثلاثة أقسام: قسم أجْمَعَتْ الأمة على سدِّه ومنْعِهِ وحسْمه، كحفر الآبار في طريق المسلمين، وإلقاء السُّم في أطعمتهم ... "، وقسم أجمعُوا على عدم منعه كزراعة العنب خَشيةَ الخمر، (أي خشية أن يؤول إلى استعماله خَمْرًا)، وقسم اختلفوا فيه هل يُسَدُّ أم لا كبيوع الآجال عندنا، مثل مَنْ باع سلعة بعَشرة دراهم إلى شَهر، ثم اشتراها بخمسة قبل الشهر، فهذه عند مالك وسيلَةٌ لسلَف خمسةٍ بعشرة إلى أجل، توسُّلا بإظهار صورة البيع، "أيْ فتكون هذه الصورة ممنوعة: والشافعي يقول: يُنظَرُ إلى صورة البيْع ويُحْمَلُ الأمر على ظاهره فيجُوز". اهـ.
وقد علق الشيخ ابن الشاط على هذا الفرق بقوله: جميع ما قاله القرافي في هذا الفرق صحيح، غير ما قاله من أن حكم الوسائل حكم مما أفضتْ إليه من وجوب أو غيره، فإن ذلك مبنى على قاعدة أن ما لا يتم الواجبُ إلا به فهو واجب. والصحيح أن ذلك غيرُ لازم لم يصرح الشرع بوجوبه"، والله أعلم. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>