للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة العاشرة (٤١)

نقرر فيها الفرق بين اللزوم الجزئي واللزوم الكلي، فنقول:

لاشك أنه إذا لزم شيء شيئا، قد يكون لزوما جزئيا، وقد يكون لزوما كليا. ثم اللزوم الكلي على قسمين: أحدهُما أن يكون كليا عاماً لا بحسب شخص، والثاني أن يكون بحسب شخص. فالأول كقولنا: العِشرة تلزمها الزوجية، إذ ما من حالة تفرض ولا زمان ولا تقدير يُقدر من التقادير الممكنة إلا والزوجية في ذلك لازمة للعشرة.

والقسم الثاني كقولنا: كلما كان زيد يكتب فهو يُحَرِّك يَدَه، أي ما مِن حالةٍ تُفْرض، ولا زمانٍ يشار إليه، وريدٌ يكتب، إلا وهو يحرك يده في تلك الحالة باللزوم بيْن كتابته وحركةِ يده في كل الأحوال والأزمان، والشخص واحد.

وأما اللزوم الجزئي فهو لزوم الشيء للشيء في بعض الأحوال دون بعض، أو في بعض الأزمنة دون بعض.

وسأل بعضُ الفضلاء سؤالا عن قول الفقهاء: إن الطهارة الكبرى إذا حصلتْ أغْنَتْ عن الوضوء، فقال: أنتم جعلتم الطهارة الصغرى لازمة للكبرى، والقاعدة أن انتفاء اللازم يلزم منه انتفاء اللزوم، فيَلزَمُكم متى انتقض وضوؤه أن يعيد غسله، وهذا خلاف الِإجماع، أوَ تقولوا: هذه القاعدة باطلة، وهذا الآخَرُ أيضا باطل فلا سبيل للزوم الصغرى للكبرى.

والجواب أن نقول: اللزوم بين الطهارة الصغرى والكبرى جُزْئي لا كُلي، فليس يلزَم الوضوء للغسل دائما، بل ابتداءً فقط، والدوامُ مشروط بعدم طريَان


(٤١) هي موضوع الفرق الثالث والأربعين بين قاعدة اللزوم الجزئي وبين قاعدة اللزوم الكلي. جـ ١. ص ٢٢٣. قال القرافي رحمه الله في أوله: وضابط اللزوم الكلي العام أن يكون الربط بينهما واقعا في جميع الأحوال والأزمنة، وعلى جميع التقادير المكنة، كلزوم الزوجية للعِشْرة، واللزوم الجزئي هو لزوم الشيء للشيء في بعض الأحوال دون بعض، أو في بعض الأزمنة دون بعض، ويتضح ذلك بسؤال ذكره بعض الفقهاء ... الخ. وهذا الفرق لم يعلق عليه الفقيه ابن الشاط بشيء من كلامه مما يدل على أن جميع ما جاء فيه عند القرافي صحيح ظاهر، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>