الأول والثالثِ اجتماعُ اجزائه، ووجودُها في زمن واحد، لإمكان ذلك، واعتبر من الثاني وجودُ آخِرِ أجزائه، لأنه الممكن فيه، وان كان الشرط عدم هذه الحقائق اعتبر من الجميع أول أزمنة العدَم، لصدق العدم حينئذ في الجميع.
قال شهاب الدين، رحمه الله:
ويَرِدُ عليه سؤالان: الأوَّلُ أن القائل: إن أعطيتتى عشرة دراهم فأنت حُرٌّ، يخرج عليه حرًا إذا أعطاه العشرة مجموعة كما قال ومتفرقة. ولا خلاف في هذا السؤال.
والثاني، أن كلامه في العدم لا يتلخص، لأن لن ولا، وضعا لنفي المستقبل العام، فإن جعل العلق للشرط العدم بصيغة لا ولن كان الشرط استغراق العدم أزمنة العمر، أو الزمان الذي عينه، لا ما قاله، والله أعلم.
القاعدة الرابعة (٩٤)
في تقرير حصر المبتدأ في الخبر.
العلماء يقولون: قد يكون المبتدأ محصورًا في الخبر وقد لا يكون، والظاهر أن المبتدأ محصور في الخبر مطلقًا. والخبر قد يكون محصولًا في المبتدأ وقد لا يكون.
وبيان ذلك من حيث إن المبتدأ لا بد أن يكون أخص من الخبر أو مساويًا، فإن كان أخص، كقولنا: الانسان حيوان، فقد انحصر فيه ضرورة، وان كان مساويًا كقولنا: الانسان ناطق، فقد انحصر أيضًا، فكما لا يكون الانسان إلا حيوانًا، كذلك لا يكون الإنسان إلا ناطقًا.
(٩٤) هي موضوع الفرق الثالث والستين من كتاب الفروق: جـ ٢، ص ٤١، وموضوع هذه القاعدة مما يتناوله علماء البلاغة في علم المعاني ويبحثونه في باب القصر وأنواعه، فهي ألصق بعلم البلاغة منه بعلم النحو، وأنسب إليه بهذا المعنى، ولعل المؤلف ذكرها في القواعد النحوية وأدرجها فيه من باب التوسع والتقارب بين علمي البلاغة والنحو باعتبارهما من علوم الآلة والوسائل. والله أعلم.