للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا تقرر هذا، فالِذكْرُ ضدُّ النسيان، فكيف اجتمعا في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (٩٠)، والضِدَّانِ اجتمعا في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}، والضِدَّانِ لا يجتمعان، فجوابُهُ أن يقال: الظرف أوسع من المظروف.

ومثل هذا الاشكال: {وَلَنْ يَنْفَعُكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ} (٩١)، فإذْ بدلٌ من اليوم، واليومُ يومُ القيامة، وإذ ظلَموا يومُ الدنيا، فيكف يكون ذلك، والدنيا ليست عينَ الآخِرة، فقال ابن جِنِّي: الظرف يجوز أن يكون أوسعَ من المظروف، فَزَمَنُ الظلم يجوزُ أن يكون أوسعَ منهُ حتى يمتدّ ليوم القيامةِ فينطلِق عليه يومُ الظلم، فيتحِدانِ، فتحسُنُ البدَلية.، وقد يكون الظرف مساويًا للمظْروف نحو صمتُ يوم الخميس. (٩٢)

قلت: ولْنذُكْر هنا مسألة متعلقة بالشرط، من حيث هو شرط، فنقول:

الشرط ينقسم إلى ما لا يقع إلا دفعة أإحدة كالنية، وإلى مالا يقع إلا مُستَدْرَجًا، كقراءة السورة، وإلى ما يقبل الوجْهَيْن، كعطيةِ عشرةِ دراهم.

قال الإمام في المحصُول (٩٣): فإن كان الشرط وجود هذه الحقائق اعتبر من


(٩٠) سورة الكهف: الآية: ٢٤.
(٩١) سورة الزخرف: الآية: ٣٩.
(٩٢) علق ابن الشاط على الأشكال المذكور في هذه الآية بقوله: إنما وقع الاشكال في الآية بناء على أن إذ بدل من اليوم، وليس ذلك بصحيح بلا إشكال. وما المانع من إن يكون معنى الكلام ولن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب بسبب ظلمكم إذ ظَلمتم.
هذا لا مانع منه البتَّةَ.
(٩٣) المراد بالإمام صاحب المحصول: هو الفقيه الضليع الموسوعي الاصولي المدقق الجامع بين المنقول والمعقول فخر الدين الرازي. وقد شرح كتابه المحصول شهاب الدين القرافي رحمه الله، واختصره الإمامان: سراج الدين الارموى، وتاج الدين الارمرى في كتابيهما التحصيل، والحاصل، فجاء القرافي ولخصه من كل ذلك كتابه المسمى بتنقيح الفصول في أختيار المحصول، وجعله مقدمة لكتابه الذخيرة في الفقه، ثم لما رأى الناس اهتموا به وضع لهم عليه شرحا مختصرا يكون عونا لهم على فهمه وتحصيله، وبيان بعض المقاصد التي لا نكاد تُعلمُ إلا من جهته لانه لم ينقلها عن غيره وسماه: شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الاصول، وهو مطبوع طبعة جديدة منقحة عن دار الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>