للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنَ الفروق المذكورة بينهمَا: أنّ إنْ تدل على الزمان بالالتزام وعلى الشرط بالمطابَقة، وهو ما تقدم ذِكْرهُ والإِشارة اليه، وإذا على العكس من ذلك.

ومنها: أنَّ إنْ لا يُعَلَّقُ عليها إلا مشكوك فيه، وإذا أعمُّ، تَدْخُل على المحقَّق وإلمشكوكِ فيه.

قلت: وقد تقدم البحث في هذا المعنى وأنه مشْكِل.

ومن الفروق النحوية - زيادةَ على ما سَبَقَ ذِكرُه أولا - أنّ إنْ لا يكون ما بعدَها إلا مجزومًا في اللفظ أو في الوضع، وإذا يكون ما بعدها مخفوضا بها في الأكثر.

وأيضًا، فإنْ، بُنِيَتْ بالأصالَةِ، لأنَّها حرف، وإذا بالفرعية لأنها اسم. (٨٩)

وقال شهاب الدين - رحمه الله - هنا: إذا ظَرْفٌ، والظروف يجوز أن تكونَ أوسعَ من المظروف، فيجوز لهذا أن يُقال: إذا قال: إذا مِتُّ فأنتِ طالق، يلزمه الطلاق، لأن الظرف يجوز أن يكون أوسعَ من المظروف، فظرفُ الموت يحتمل دخول زمن من أزمنة الحياة فيه، فيقعُ في ذلك الزمانِ الطلاقُ في زمن الحياة فيلزمه، بخلاف ما إذا قال: إن مِتُّ فأنت طالق، لأنه لا طلاق بعد الموت.

قال: وأوْرَدَ بعض الفضلاءِ سؤالًا، فقالَ: الشرط وجوابه إذا جعل الشرط ظرفا، لابد أن يكونا معًا واقعيْن فيه، نحو: إذا جاء زيد فأكرمه، فالمجيء والإِكرام في زمن واحدٍ، ولذلك جوَّزُوا أن يعمل في إذَا كِلا الفِعْلَيْنِ، واختاروا الثاني، لأنه لَيس مضافا إليه، ومن حيث أنهم أجازوا عمل كل واحد منهما فيه دلَّ على ما قلناه، لأن من شرط العامل في الظرف، أن يكون واقعًا فيه.


(٨٩) فإذا ظرف لما يستقبل من الزمان خافضة لشرطها، منصودة بجوابها، بمعنى أن الفعل الواقع في جوابها هو العامل في نصبها، وهي مبنية، وأن الجملة الشرطية الواقعة بعدها هي في محل جر مضاف إليه، وفي ذلك يقول ابن مالك في ألفيته النحوية:
وألْزَموا إذا إضافة إلى ... جُمَل الأفعال كهُنْ إذا اعتَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>