للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة الثالثة (٩)

الفرق بين ما تتداخل فيه جوابر الحج وما لا تتداخل.

تقدم الفرق بين الزواجر والجوابر من حيث الجملة، (١٠).

أما الصيد فيتعدد الجزاء فيه لأنه اتلاف على قاعدة الِإتلاف، وهو غير متوقف على الإِثم، فيضمن الصيدَ عمداً أو خطأ، (١١) ويتحد الجزاء عند أبي حنيفة بالتاويل والنسيان والجهل، فلم يوجب عليه شيئا كالواطئ في رمضان ناسيا، وألحقَ الجاهل بالناسي.

والحقُّ أن الجهل يختلف، فمنه ما يكون عذرا كمن وطئ أجنبية يظنها امرأته، أو شرب خمرا يظنها خَلاً أو يظنها جُلَّابا ونحوه، فإن الاحتراز من هذا يشق، فعَذَر الشرعُ بهذا الجهل، بخلاف ما يمكن الاحتراز منه كالجهل بما يفسد الصلاة ويُصلحها، الجاهل هنا كالعامد، ولا يعذر الِإنسان فيه بجهله، لأنه يُمكنه عِلْمُ ذلك ولا مشقةَ تلحقه، وقد كان في ترك تعلمه ذلك عاصيا.

وضابط ما تتحِدُ فيه الفدية وما تتَعَدَّدُ أنه متى اتحدت النية والمرض - الذي هو السبب- والزمان، بأن يكون الكل على الفور اتحدت الفدية، ومتى وقع التعدد في النية أو السبب والزمان تعددت الفدية، ويظهر ذلك بالفروع:

قال مالكٌ في الدونة: إذا لبس قَلنسوة لِوَجع ثم نزعها، فعاد إليه الوجعُ فلبسها، إن نزعها مُعْرِضا عنها فعليه في اللبس الثاني والأولِ فديتان. وإن كان


= كالحبس أو الإِجلاء أو غير ذلك مما يناسب نوع الجناية، إذ التأديب بالنصح والتوجيه أو لا، وبالزجر والتأديب ثانيا لابد وأن يكون له اثره الايجابي على الفرد والمجتمع في ان واحد، وقد قال علماؤنا رحمهم الله، إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ... والله أعلم وأحكم.
(٩) هي موضوع الفرق الثاني عشر والمائة بين قاعدة تداخُل الجوابر في الحج، وقاعدة مالا تتداخل الجوابر فيه الحج). جـ ٢. ص ٢٠٩
(١٠) زاد القرافي قوله، والمقصود ها هنا بيان ذلك في الحج خاصة.
(١١) قال القرافي هنا: فاشبه (إتلاف الصيد) إتلاف أموال الناس، فإن الإجماع منعقد على تعدد الضمان فيما يتعدد الاتلاف فيه، وأن العمد والخطأ في ذلك سواء، وكذلك ها هنا. والجلاب بضم الجيم وفتحها العسل أو السكر عقِد بماء الوَرْدِ، ويطلَق على ماء الْورد.

<<  <  ج: ص:  >  >>