للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينقض، فكيف ما لم يتأكد بالحكم. والشافعي رأى أن حكم الله في حقه ما أدى

اليه اجتهاده، أو ما أفتاه به إمامُه، او كان مقلدا، فقبِل شهادته.

الثاني، الحشيشة. الاتفاق على منعها، (٧) ولكنّه هل المترتب عليها الحد او التعزير؟ فيه خلاف، بناءً على أنها مُسكِرة أوَ مفسِدة للعقل من غير سُكر، والمَرْضِيُّ عند شهاب الدين رحمه الله أنها مُفْسِدة، وياتي الفرق بينها وبين الخمر من حيث السكر والمفسدة.

فرع مرَتَّبٌ: من صَلى بها وهي في جيبه، قيل: إن كانت قد حمصت وسلقت بطلت صلاته، والا فلا، وقال شهاب الدين: سألت من يتعاطاها فقال: إن التحميص إِنما هو لإصلاح طعمها وتعديل كيفيتها خاصة، ويتصور تاثيرها قبل ذلك، قال: فِإن كان هذا كذلك، فالصلاةُ باطلة بها مطلقا، هذا ان صحّ أنها مسكرة، وإلّا فهي لا تفسد الصلاة مطلقا إذا كانت مُفْسدة لا مسكرة، قال: وهو الذي أرتضيه.

الثالث، قال إمام الحرمين: القاعدة في التاديباتِ أنها على قدر الجنايات، فكلّما عظُمت الجناية عظمت العقولة. فإذا فرِض شخص لا يؤثر فيه التاديب اللائق بجنايته ردعا، والذي يؤثر فيه القتلُ ونحوُه، ولا يجوز أن يكون عقوبة تلك الجناية، فإن هذا الجاني يسْقط تاديبُه مطلقا (٨).


(٧) قال القرافي رحمه الله: اتفق فقهاء أهل العصر على المنع منها، أعْنى كثيرها المُغَيّب للعقل، واختلفوا بعد ذلك هل الواجب فيها التعزيز أو الحد على أنها مسكرة، فإنهم يصفونها بذلك في كتبهم، والذي يظهر لي انها مفسدة على ما أقرره في الفرق بينهما بعد هذا إن شاء الله تعالى. ويقصد به الفرق الأربعين بين قاعدة المسكرات وقاعدة المرَقِّدات وقاعدة المفسدات (اي للعقل والمزاج). اهـ
(٨) زاد القرافي هنا مبينا توجيه ذلك بقوله: أما التاديب المناسب فيسقط لعدم الفائدة فيه، والإيلام مفسدة لا تشرع إلا لتحصيل مصلحة، فحيثُ لا مصلحة لا تشرع، وأما غيرُ المناسب فلعدم سببه المبيح، فيسقط تاديبه مطلقا، وهو متجه اتجاها قويا.
قلت: ومع ذلك لا بد في مثل هذه الحالة من نوع من التاديب بالعقوبة لمثل هذا النوع من الجناة والعصاة، يقدره الإِمام، ومن ينوب عنه من الولاة والقضاة في حفظ الأمن ومصالح الناس،

<<  <  ج: ص:  >  >>