للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعلم أن الفقهاء جمعوا أسماء العقود التي لا يجوز اجتماعها مع البيع في قولك جِصٌّ مُشَنَّق، فالجيم للجَعَالة، والصاد للصرف، والميم للمساقاة، والشين للشركة، والنون للنكاح، والقاف للقراض.

والسِرُّ في عدم اجتماع هذه، التضادُّ الواقعُ بينهَا. ولمّا كانتْ العقود أسبابا، كانت - ولابدَّ - مناسبة لمسبَّباتها. والشيء الواحدُ لا يناسبُ متضاديْن، وما لا تَضادَّ فيه يجوز اجتماعهما كالبيع مع الاجارة، ولم يَجُزْ مع الجعالة، للزوم الجهالة في عمل الجعالة. كذلك النكاح لا يجتمع مع البيع لتضادِّهما من حيث المكايسةُ في البيع والمسامحةُ في النكاح، وكذلك الصرف مبنى على التشديد وامتناع الخيار والتأخر، وأمور كثيرة هي منتفية في البيع، والمساقاةُ والقِراضُ فيهما الغررُ والجهالة كالجعالة، والشركةُ فها صَرْف أحدِ النقدين بالآخر من غير قبض، فظهر التضادُّ فيما لا يجتمع، وما لا تضادَّ فيه جازَ اجتماعه.

القاعدة الرابعة عشرة:

أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه. (٦٤)

إعْلَم أن العقود ثلاثة أقسام:

الأول: يَرِدُ على الذمم، فمُتَعَلَّقه الأجناسُ الكُلّية دون أشخاصها، فيحصل الوفاء بمقتضاها بأي فرد كان من ذلك الجنس، إذا كان ذلك الفرد مطابقا بَرئ به، وإلا فلا. (٦٥)


(٦٤) هي موضوع الفرق التاسع والثمانين والمائة (١٨٩) بين قاعدة ما يتعيَّن من الاشياء وما لا يتعيَّنُ في البيع ونحوه. جـ ٣. ص ٢٥٣.
(٦٥) علق الشيخ ابن الشاط على هذا القسم الأول عند القرافي بقوله: ما قاله في ذلك صحيح، إلَّا قَوْله "فيكون متعلَّقُهُ الاجناسِ الكُليةَ دون أشخاصها"، فإنه إن أراد ظاهر لفظه فليس بصحيح، يل متعلَّقُهُ أشخاص غير معيَّنة، مما يدخل تحت الكلي، ولذلك صح الوفاء بأي فرد كان إذا وافق الصفاتِ المشترطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>