للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث، الجهالة ممنوعة في البيع والإِجارة، والأجلُ المحدودُ لا يصحُّ أن يعيَّن منه يوم لخياطة ثوب مثلا، فصار الجهْلُ مطلوبا متروكا. (٢٨)

الرابع، الأنوثة اقتضى ضَعفُها التأخرَ عن الولايات، واقتضى ضعفها ولايةَ الحضانة.

قلت: ليس ضعفها أوجب تقدمها قط، بل الضعف موجبٌ للتأخر أبدا، وما تقدمت في الحضانة إلا لأنها في ولَايةِ الأولاد أقوى من الرجُل كما يقرَّر في موضعه.

الخامس، قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اقتضى تعظيمُها بذْل المال لهَا، واقتضى أيضاً منع الربهاة منهم، فكانتْ هذه الأشياءُ تُوْجِبُ فيها ما قلناه. (٢٩)

القاعدة الخامسة (٣٠)

نقرر فيها أن إزالة النجاسة ليستْ من باب الرخصة في الشريعة.

وبيَان ذلك أن نقول أوّلا:

إن قوما قالوا: إن النجاسة إذا مسها ماءٌ، تنجس بمُلاقاته لتلك النجاسة، (٣١) فإذا لاقاه آخر فكذلك، فلا يُتصوَّرُ تطْهير للنجاسة أبداً.


(٢٨) هذه المثال الثالث جاء واضحا عند القرافي أكثر، فقد فصل في ذلك فقال رحمه الله:
الجهالة مانعَةٌ من عقد البيع والإِجارة ونحوهما، وهي شرط في الجعَالة والعارية والقراض، فلا يجوز إلى يَوْمٍ معلوم، لأن المطلوبَ قد لاَ يَحْصُل في ذلك الأجل، فاقتضت مصلحةُ هذه العقود أن يكون الأجل مجهولا، ولذلك لا يجوز أن يحَدِّدَ لخياطة الثوب وغيره من الاجارات يوما معلوما، لأنه يوجب الغرر، ويُفَوِّت المصلحة، بل المصلحة تقتضى بقاء الاجَلِ مجهولا" اهـ.
(٢٩) قال الشيخ شهاب الدين القرافي هنا رحمه الله: "وإنما قلتْ هذه النظائر، لأن الأصل في المناسب أن يُنافِيَ ضدَّ ما يُناسِبُهُ.
(٣٠) هي موضوع الفرق الحادي والثمانين (٨١) بين قاعدة الرخصة وقاعدة إزالة النجاسة. ح.٢، ص ١١٣.
(٣١) في نسخة ع: ما تنجَّس، وفي نسخة أخرى ما ينجس. والصواب ما في نسخة ح، وهو: أن النجاسة إذا مسها ماءٌ، تنجس بملاقاته لها، فيكون الكلام تام المعنى بذكر شرطِ إذا وَجَوابها، ويكون مجموعهما خبرَ إن، والخبر هو الجزء المتمم للفائدة ح المبتدأ، بخلاف ما في النسخَتين الأخريين لا يكون الكلام تاما.
وعبارة القرافي رحمه الله في اول هذا الفرق هي قوله: وذلك أن جماعة من العلماء، قالوا: إزالة النجاسة رُخصة بسببِ أن السبب في تنجيس الطاهر ملاقاته للنجس إجْماعا".

<<  <  ج: ص:  >  >>