قلت: ولهذا يجبُ الامساك عما شجر بينهم في هذا الامر حين دراسة تلك الفترة من حياة الصحابة رضوان الله عليهم، والتعرض لها بالشرح والتحليل وأخْذ العبرة والفائدة منها، والتماسُ أسْلمِ الوجُوهِ وأحسن المخارج والتاويلات لما وقع بينهم في ذلك، كما قال علماؤنا رحمهم الله كابن أبي زيد القيراني رحمه الله، ، إذ الصحابة كلهم رضوان الله عليهم كان مجتهدا في رأيه، مستهدفا ومتوخيا المصلحة العليا لأمته ودينه، فإن كان مصيبا في علم الله فله أجران، وان كان مخطئا في علم الله فله أجر واحد، فكلهم اجتهد في المسألة، كلهم في مقام الصحبة التي شرفَهم الله بِها، وقال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -: واللهِ لو أنفَقَ أحدكمً ملْءَ الأرض ذهبا ما بلَغ مُدَّ أحدِهم ولا نصِيفه، إلى غير ذلك من فضائلهم رضوان الله عليهم أجمعين. (٢٩٠) هي موضوع الفرق الثاني والتسعين بين قاعدة الاستغفار من الذنوب المحرمات وبين قاعدة الاستغفار من تزكِ المندوبات". جـ ٢. ص. ١٤٦. وقد علّق عليه الشيخ ابن الشاط رحمه الله تعالى بقوله: ما قاله القرافي في هذا الفرق صحيح. (٢٩١) زاد الامام القرافي هنا رحمه الله قوله: وهذا هو الامر الغالبُ في ذلك. (٢٩٢) قال القرافي موضحا ذلك: فيجتمع على العاصي عقوبتانِ: الأولى والثانية، كقوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} سورة الليل، الآيات: ٨ - ٩ - ١٠، فجَعَل العُسْرى مسبَّبَةً عن المعاصي المتقدمة ... الخ.