للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة الثانية

في تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة. (١١).

قال شهاب الدين: إنى رأيت كتب الفرائض، فلم يختلف منهم اثنان أن أسباب التوارث ثلاثة: نسَبٌ، وولاء، ونكاح، وهو في غاية الإِشكال، لأن المراد بالثلاثة: إمَّا الأسباب، وإمَّا أجزاء الأسباب، والكُلُّ غيرُ مستقيم.

وبيان ذلك أنهم يجعلون أحد الأسباب القرابة، والأم لم ترث الثلث فِى حالة والسدسَ فِى أخرى بمطلق القرابة، وإلَّا لكان ذلك ثابتا للابن والبنت، لوجود القرابة بينهما، بل بخصوص كونها أمّاً مع مطلقِ القرابة، وكذلك البنت ترث النصف ليس بمطلَق القرابة، وإلَّا لثبتَ ذلك للجد أو الأختِ للأم، بل لخصوص كونها بنتاً مع مطلق القرابة، فحينئذ لكل واحد من الورثة سببٌ تامٌّ يخصه، تَرَكَّبَ من جُزْءيْن: من خصوص كونه بنتا أو غيره، وعموم القرَابة، وكذلك للزوج النصف، ليس بمطلق النكاح، وإلَّا لكان للزوجة النصف، لوجود مطلق النكاح فيها، بل


(١١) هي موضوع الفرق الخمسين والمائتين بين قاعدة أسباب التوارُثِ، وأجزاء أسبابها العامة والخاصة". جـ ٤. ص ١٩٣.
قال الإِمام القرافي رحمه الله في أوله: "إعْلَمْ أنَّ هذا الفرق غريب عجيب نادِرٌ، بسبب أن كتب الفرائض على العموم فيما رأيتُ لم يختلف منهم اثنان في أن أسباب التوارث ثلاثة: نسب، وولاء، ونكاح، وهو في غاية الإشكال ... إلخ.
وقد علق عليه الشيخ ابن الشاط رحمه الله، فقال: هذا الفرق ليس بغريب ولا عجيب كما زعم، وما توهمَهُ من الإشكال في كلام الفرضيين ليس كما توَهَّمَ.
وبيان ذلك أنهم بين أمرين: أحدهما تعبيرهم عن تلك الأسباب بلفظ التنكير، وثانيهما تعبيرهم عنها بلفظ التعريف. فمن عبّر منهم بلفظ التنكير لم يُرد كل نسب ولا كلَّ نكاح ولا كلَّ ولاء، بل أراد نسبا خاصا وولاء خاصا ونكاحا خاصا. ولا نُكر في التعبير بلفظ النكرة عن مخصوص, فإن اللفظ عليه صادق، وله صالح. ومن عَبَّرَ منهم بلفظ التعريف لم يرد أيضا كل نسب ولاَ كلَّ نكاح، ولا كلَّ ولاء، بل أراد ما أراده الأول, وأحال الأولُ فى تقييد ذلك المطلق على تعيين أصناف الوارثين والوارثات, وأحال الثاني فى بيان المعهود بالألف واللام على ما أحاله عليه الأول, والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>