وطريقة الجمهور أن الشروط ثلاثة أقسام: منها ما اتفقوا على أنه موجب لمنافاة عقد الذمة، كالخروج على السلطان، ونبْذ العهد، والقتال بانفرادهم أو معَ الأعداء ونحو ذلك، ومنها ما اتفقوا على أنه لا ينافيه كركوب الخيل وترْكِ ضيافة المسلمين ونحو ذلك، وقسم ثالث، اختلف فيه، هل يلحق بالقسم الأول فينقض، أو بالثاني فلا ينقض. من ذلك إذا أظهروا معتقدهم في المسيح عليه السلام أو غيره أدبناهم، ولا ينتقض العهد بذلك. وزِناهم بالمسلمة، إن كان كرها نقض العهد بذلك، وإن كان طوْعاً فلا ينقض العهد بذلك عند مالك. وينتقض عند ربيعة وابن وهْب. فإن غرها بأنه مسلم وتزوجَها فعن ابن نافع ينتقض.
قال التونسي من أصْحابنا: لمْ يجعل مالك القتل في الحِرابة نقضا، وهو يقول: غصْبُ المسلمة وقهرها على الوطء نقض، قال: وهو مشكِل، إلَّا أن يكون العقد اقتضاه، قال ابن القاسم: إن كان امتناعهم من الجزية لظلم من الإِمام أو غيره رُدُّوا إلى ذمتهم. وقال الداودِي: إن كان خروجهم من ظلم فهو نقض، لأنهم لم يعاهدوا على أن يَظلموا من ظلمهم. وروي عن عمر رضي الله عنه أن ذِمّياً نخس بغلا عليه مسلمة فوقعت، فانكشفت عورتها، فأمر بصلبه في ذلك الموضع، وقال: إنما عاهَدْناهم على إعطاء الجزية عن يدٍ وهو صاغِرون.
ثم إذا قلنا: نقتُلُهم -إذا حارَبُوا- ونسبي نساءهم، هل يُفْعَلُ بالضعفاء الذين يُعْلم أنهم خرجوا معهم لأنهم مغلوبون كذلك، أو لا؟ ، استثناهم ابن القاسم، ولم يستثن أصْبَغُ أحَداً. قال المازري، وينتقض عهدُهُم إذا صاروا عيْناً للْحَرْبِيّين علينا.
القاعدة الثالثة:(٨)
ما الفرق بين البِر والتودد. حتى أُمِرْنا بِبرّهم، ونُهيِنا عن التودد لهم؟ فنقول:
(٨) هي موضوع الفرق التاسع عشر والمائة بين قاعدة بر أهل الذمة، وبين قاعدة التودد لهم". جـ ٣. ص. ١٤. لم يعلق عليه بشيء الفقيه ابن الشاط رحمه الله.