للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم من المسلمين، ويُقَدِّموا لَهُمْ في المجالس، ولا يتشبهوا بهم في شيء من ملابسهم، ولا فرق شعورهم، ولا يتكلموا بكلامهم، ولا يتكنوا بكُناهم، ولا يركبوا على السروج، ولا يتقلدوا شيئا من السلاح، ، ولا يحملوه مع أنفسهم ولا يتخذوه، ولا ينقشوا خواتمهم بالعربية، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يطرحوا في طرق المسلمين نجاسة، ويخفون النواقيس وأصواتها، ولا يظهرون شيئا من شعارهم، ولا يتخذون من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين، ويرشدون المسلمين، ولا يُطلعون عليهم عدوا، ولا يضربون مسْلما، ولا يسبون أحدا من الانبياء عليهم السلام، ولا يظهرون خمراً (٦)، ولا نكاح ذات محرم، قال: فمتى أخلّوا بواحدٍ من هذه الشروط اخْتُلف في نقض عهدهم، وقَتلهم وسبْيهم، وأخذِ أموالهم ..

قال شهاب الدين رحمه الله: بعْضُ ضَعَفة الفقهاء قال: هي شروط، وفقْدُ شرط واحد كفقد جميعه، فمض ى أخل بضرط من هذه فقدْ نقض العهد. (٧)

والذي عليه الجمهور: مالك، أبو حنيفة والشافعي، واحمد بن حنبل، أن الشروط ليست على السواء، كما الأمر في تكاليف السلم، فبعضُها إن أخل به يوجبُ له الكفر، وبعضها يقال إنها كبائر ولا نقضى بكفره، وبعضُها يقال: هي صغائر، فكذلك الذمي، عقد الجزية عليه تنقسم شروطه إلى ما ينافيه كالقتال والخروج عن أحكام السلطانِ، والى ما لا ينافيه، وبعضُه هو كالكبيرة بالنسبة إلى الإِسلام، كسَبِّ المسلم أو إظهار الترفّع عليه، وبعض آخرُ دون ذلك.


(٦) قال محقق كتاب الفروق: "الصواب في الكلمات الخمس حذف النون"، ووجْه ذلك اعتبار كون تلك الأفعال كلها معطوفة على الفعل الأول المنفي المنصوب بأن.
(٧) عبارة القرافي هنا: "واعلمْ أن الجمهور من مذاهب العلماء كمالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم لا يروْن النقض بالإِخلال بهذه الشروط كيف كان، بل بعضها يوجب النقض، وبعضها لا يوجب، وقد سبق إلى خاطر الفقيه أن المشروط شأنه الانتفاء عن انتفاء أحد شروطه ولو كان ألْف شرط، إذا عدم واحد منها لا يفيد ما عداه كما يجده في شرائط الصلاة والزكاة وغيرهما إن عدم شرط واحدٌ عدم جميع الشروط، فلذلك يخطر لضعفة الفقهاء أن شروط الجزية ينبغي أن تكون كذلك، وليس الأمر كذلك، وأن قاعدة ما يوجب النقضَ مخالفة لقاعدة ما لا يوجبه، فإن عقد الذمة عاصم للدماء كالإسلام، وقد ألْزم الله تعالى المسلم جميع التكاليف في عقد إسلامه كما ألزم الذمي هذه الشروط في عقد أمانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>