للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الخامسة، رَفْض النية في أثناء العبادة، فيه قولان، هَلْ يُؤثر أمْ لا؟ فإن قلنا بعدم التأثير فلا كلام، وإن قلنا: يؤثر، (٥٦) فوجْهُهُ أن هذه النية التي حصل بها الرفع وهي العَزْم على ترْك العبادة، لو قارنتْ النية الفعلية الكائنة أول العبادة لضادّتْها، فكذلك الحُكميةُ هي مضادَّة لها. (٥٧)

القاعدة الثالثة عشرة (٥٨)

نقرر فيها الفرق بين رفع الواقعات وتقْدِير ارتفاعها بأن نقول:

معنى رفْع الواقع ممتنع عقلا، من حيث إنّ ما وقع في زمانٍ ماضٍ لا يصح في زمان متأخِر عنه أن يرفع ذلك الواقع الذي مضى. ومعنى تقدير ارتفاع الواقع أن يكون الشيء موجوداً فيعطاه حكم المعْدُوم، وهذا من حيث الشرع، وهذا صحيح غير مُحَالٍ، فظهر الفرق.


(٥٦) كذا في نسخة ح. وفي نسخة ع، تؤثر، والصواب الأولى (يؤثر بالياء، باعتبار الضمير يعود على رفض النية لا على النية نفسها، لأن رفضها أثناء الشروع في العبادة هو محَطُّ السؤال والخلاف، وهو ما عند القرافي في هذه الجملة.
(٥٧) وقد علق ابن الشاط على هذه المسائل بقوله في أول تعليقه على هذا الفرق: ما قاله فيه صحيح، غيْر أنه في المسائل الثانية والثالثة والرابعة، لقائِلٍ أن يقول: إنّ من نوى الصلاة فإن نيته تتضمن إصلاحها إن احتاجَتْ إليه، لكنى لا أذكرُهُ الآن من قوْل الفقهاء، والصحيحُ ما قاله في ذلك، والله أعلم. اهـ.
(٥٨) هي موضوع الفرق السادس والخمسين بين قاعدة رفع الواقعات، وبين قاعدة تقدير ارتفاعها، جـ ٢، ص ٢٦.
قال شهاب الدين القرافي في أوله: هاتان القاعدتان تلتبسان على كثير من الفقهاء الفضلاء، مع أن القاعدة الأولى قاعدة امتناعٍ واستحالةٍ عقليةٍ، لا سبيلَ إلى أن يقع شيء منها في الشريعة، والقاعدة الثانية واقعة في الشريعة في مواقع الإجماع ومواقع الخلاف.
قال: "ولقد حضَرتُ يوماً في مجلس، فيه فاضِلان كبيران من الشافعية، فقال أحدهما للآخَر: مَا معْنى قول العلماء: الردُّ بالعيب رفعٌ للعقد، من أصله أو من حينه، قولان، أمَّا من حينه فمسَلّم معقول، وأما من أصْله فغير معْقول، بسبب أن العقد واقع في نفسه، وهو من جملة ما تضمَّنه الزمان الماضى، والقاعدة العقلية أن رفْعَ الواقع محال، وإخراجُ ما تضمنه الزمان الماضي

<<  <  ج: ص:  >  >>