للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: إذا قلنا: إن الإكراه على الحنث يمنع من لزوم موجب اليمين، فأكره على أول مرة من الفعل ثم فعله مختارا، يحنث، قاله ابن أبي زيد: وهو مقتضى الفقه، بسبب أن الاكراه لم يندرج في اليمين، فالواقع بعد ذلك بالاختيار هو أول مرة صدرت منه مخالفة اليمين، والأولى لا عبرة بها.

ومثل هذه المسألة إذا حلف بالطلاق لا يكلم زيدا، فخالع امرأته وكلمه، لم يلزمه بهذا الكلام طلاق. فلو رد امرأته وكلمه حنث عند مالك رحمه الله، لأنه قصد بالحلف بالطلاق أن يحثه الطلاق على عدم كلامه بسبب أنه يلزمه الطلاق حينئذ، فما حلف إلا على نفي كلام يلزمه به طلاق، لعدم قبول المحل له (٩٣). وأول كلام يقع بعد رد امرأته هو أول مخالفة اليمين فيه، فيلزم الطلاق به لا بما قبله كما قلنا في الإكراه حرفاً بحرف (٩٤).

القاعدة السابعة (٩٥):

أقرر فيها الفرق بين ما تعذر عقلا من المحلوف عليه وما تعذر شرعاً أو عادة، فأقول:


= مالك في الحنث حالة النسيان والجهل، والظاهر خلافه، لما تقدم من مقاصد الناس في أيمانهم. اهـ.
ثم قال القرافي: وتقع هذه المسألة في الفتاوى كثيرا ويقع الغلط فيها للمفتين فيقول السائل: حلفت بالطلاق لا أخدم الأمير الفلاني في إقطاعه، وقد أكرهت بالضرب الشديد على خدمته، فيقول له المفتي لا حنث عليك، مع أن ذلك الحالف مستمر على الخدمة مع زوال سبب الإكراه وإمكان الهروب والتغيب عن ذلك، ومضي زمان يمكنه التغيب فيه عن ذلك الأمير، وهو بذلك قد خدمه مختارا، فيحنث.
(٩٣) زاد القرافي هنا قوله: "فلا يكون من الكلام المحلوف عليه".
(٩٤) قال القرافي رحمه الله: فتأمل ذلك، فهذه الصور الثلاثة المتقدمة يحصل فيها التكرر في صورة المخالفة لا في المخالفة المعتبرة بسبب ما تقدم تقريره. اهـ.
(٩٥) هي موضوع الفرق الرابع والثلاثين والمائة بين قاعدة تعذر المحلوف عليه عقلا. وبين قاعدة تعذره شرعا. جـ ٣ ص ٨٣.
وقد علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء عند الإِمام القرافي في هذا الفرق ١٣٤ بقوله في آخر الفرق ١٣٢: ما قاله القرافي صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>