بالخَفِيِّ، وإنما يشبَّهُ الخفيُّ بالجَلِي، كمثل المعقولات بالمحسوسات عند إرادة البيَان، فلا يجوز حينئذ العكْسُ.
ولو أردنا الْإعلام بفضيلة المحسوس لشبَّهناه بمعقول مّا، من حيث إن المعقول أفضل من المحسوسِ ولو كان المحسوسُ ما عَسَى أن يكون.
ثم مَا به يكونُ التشبيهُ قد يكون حرفا كالكافِ، وقد يكون اسمًا كَمِثْل، وقد يكون فِعلا، كقولك: هذا يُشْبِهُ كذا.
ثمّ ان التشبيهَ إذا وقع في الكلام فقد يقع في الدعاء وَمَا جرى مَجْراه، وقد يقع في الخبَر الذي يحتمل الصِدْق والكذِبَ، ثم الفرق بينهما أن التشبيهَ في الخبَرِ يصح في المستقبَل والماضى والحال. فيتَشَبَّهُ ماضٍ بماض، وحاضِرٌ بحاضر، ومستقبلٌ بمستقبَل، وكلُّ ذلك حقيقة، وأمَّا الدُّعاءُ وما جرى مجراه فلا يقع التشبيه فيه إلا بحسَب المستقبَل، وهذا لما تقدمَ في القاعدة الثانية مِن أن عشرةَ أشياء لا تكُونُ إلا بحسَب المستقبل، ومنها الدعاء، وقد مضى لنا ما اورده عز الدين رحمه الله، من البحث في الصلاة على النبى - صلى الله عليه وسلم - فلا نعيدُه، والحمد لله.
القاعدة السادسة (١١٢)
في تقوير معنْى اللفظ المنقول، فنقول:
اللفظ إما أنْ يَدُلّ على مَا وُضِعَ له أولًا أو لا، فإن دَلَّ فَذَلِكَ المسمَّى بالحقيقةِ، وان دل على غيْر ما وضع له، فإما ان تكون دلالته على ذلك أقْوى وأظهر من دلالته على ما وُضِعَ له أولًا، أوْ لا، فإن كان الأول فذلك المنقول، سواء كان الناقلُ شرْعا او عُرْفًا عامًّا، او عُرْفا خاصا. ومِنْ أجْلِ أن دلالة اللفظ أقوى، لم يُحْتَجْ في دلالته عليه إلى قرينَةٍ، بَلْ يَسْبِق ذلك المعنى للفهم وبمُجَرد الاطلاق. وإن كان الثاني، فذلك المَجَازُ، ولأجل ضَعْفه في الدلالة عليه لم ينصرف عن حقيقتهِ إلَّا بقرينةٍ، بأي وجه كان ذلك المَجاز، فإن أسباب المجاز كثيرة.
(١١٢) هي موضوع الفرق المائة والثالث والثلاثين (١٣٣) من كتاب الفروق للشيخ القرافي، بين قاعدة النقل العرفي وبين قاعدة الاستعمال المتكرر في العرف جـ ٣. ص ٨٥.