للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما مِنْ نبي إلّا وله في هذه القرائن الحالية والمَقاليةِ العجائب، والساحِر على العكس من ذلك كله. (١٦٨)

القاعدة الحاديةَ عشرةَ:

في تقرير معْنَى الزهد. (١٦٩)

إعلم أن االزهد ليس عدَمَ المال، بل عَدَمُ احْتفال القلب بالأموال وإن كانت في مِلْكه، وعلى هذا قد يكون أغْنى الناس زاهداً، ويكونُ أفقرُ الناس عَرِياً عن ذلك إذا كان حريصا.


(١٦٨) للقرافي رحمه الله هنا كلام تفصيلي اختصر البقوريِ، وإيرادُه في هذا المقام يزيد هذه الفقرة وضوحا وبيانا حيث قال: وكذلك مَا عُلِمَ مِن فرط صِدْقه الذي جزم به أولياؤه وأعداؤه، (والحقُّ ما شهِدتْ به الأعداء)، وكان يسمَّى في صغره الأمينَ، إلى غير ذلك مما هو مبسوط في موضعه.
ثم قال: "من وقف على هذه القرائن وعرفها من صاحبها جزم بصدقه فيما يدعيه جزما قاطعا، وجزم بأن هذه الدعوى حقّ، ولذلك لما أخبر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر بنبوته قال له الصديق: صدَقْتَ، من غير احتياج إلى معجزة خارقة، فنزل فيها قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}. سورة الزُّمَرِ، الآيات ٢ - ٣ - ٣٥) أيْ محمد جاء بالصدق، وأبو بكر صَدق به)، وهذا التفسر اختيار ابن عطية، رحمه الله. والراجح أن الآية عامة في الرسل والمومنين، فما من نبي الأ ولَهُ من القرائن الحالية والمقالية العجائبُ والغرائب".
ثم قال: ، وأما الساحر فعلى العكس من ذلك كله، لا تجده في موضع إلا ممقوتا حقيراً بين الناس، وأصحابه وأتباعه، وأتباعُ كل مبطل، عديمون للصلاة، لا بهجة عليهم، والنفوس تنفر منهم، ولا فيهم من نوافل الخير والسعادة أثر.
فهذه فروق ثلاثة بين البابين (باب المعجزة وباب السحر)، وهي أي هذه الفروق الثلاثة في غاية الظهور، لا يبقى معها -ولله الحمد- لبْسٌ ولا شك لجاهِل أو عالم". انتهى كلام القرافي رحمه الله.
(١٦٩) هي موضوع الفرق الخامس والخمسين والمائتين بين قاعدة الزهد، وقاعدة ذات اليد" جـ ٤. ص ٢٠٩، وهو من أقصر الفروق عند القرافي، رحمه الله. ولَمْ يعلق عليه بشيء، الشيخ ابن الشاط رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>