للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي بيع المعلوم بالمجهول من جنسه إن كان من الحيوان ونحوه من غير المثليَّات، ٣) وقاعدة ما ليس عندك في المِثليات. وسبب مخالفة هذه القواعد مصلحة المعروف للعباد، فلذلك متى خرج عن المعروف امتنع.

سؤال: العارية معروفٌ (١٠٢) كالقرض، وإذا وقعت إلى أجل بعوض، جازت وإن خرجت بذلك عن المعروف فلم لا يكون القرض كذلك إذا خرج بالقصد إلى نفع المقرض عن المعروف يجوز؟

جوابه: إذا وقعت العارية بعوض صارت إجارة، والاجارة لا يُتصوَّر فيها الربا ولا المفاسد المذكورة في القرض، والقرض بالعوض بيعٌ فيُتصَوَّر فيه، وكذلك إذا وقع القرض في العروض هو ربًا، فلا يجوز، للآية، إلا ما خصَّهُ الدليل.

القاعدة الثامنة عشرة في الصلح (١٠٣)

إعلَمْ أن الصلْحَ في الأموال دائر بين خمسة أمور: البيع إن كانت المعاوضة


(١٠٢) العارية كما عرفها الفقهاء: هي اباحة المالك منافع مِلكه لغيره بلا عوض. وهي عَمَلٌ من أعمال البر والمعروف، ومن أنواع الأعمال الخيِّرة، التي ندَب إليها الاسلام، وحثَّهُمْ عليها في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. وعن أنس رضىٍ الله عنه قال: كان فَزَعٌ بالمدينةِ (اي خَوْفٌ) لأمْرٍ بعث عليه، فاستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا من أبي طلحة يقال له المندوب فرَكبه، فلما رجع قال "ما رأينا من شئٍ، وأن وجدْناه لبحرًا"، أي ما كان هناك شيء يدعو إلى الخوف ولقد وجدنا هذا الفرس قويًا واسع الجري سريعه بعد ما كان بطئه. وهذا السؤال والجواب عنه حول العارية هو من اضافة الشيخ البقوري لما في كتاب شيخه القرافي رحمهما الله.
(١٠٣) هي موضوع الفرق الثاني والمائتين بين قاعدة الصلح وغيره من العقود. جـ ٤. ص ٢. وقد علَّق عليه الشيخ ابن الشاط رحمه الله تعالى بقوله: ما قاله فيه غير صحيح، لأنه لم يُبْدٍ فرقًا بين الصلح وغيره، ولكنه تكلم على حكم الصلح، وكلامُه في ذلك صحيح.
والصُّلحُ عقد يُنهى الخصومة والخلاف بين المتخاصمين والمتنازعين في أمر يجوز فيه الصلح.
وأصْلُ مشروعيته الكتابُ والسنة. فمن الكتاب قوله تعالى في سورة النساءَ الآية ١١٤ {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} "، وقوله سبحانه: في سورة الحجُرات: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}. ومن السنة الحديثُ الآتي، والذي أورده الشيخ البقوري هنا، وهو حديث مروي عن عمرو بن عوف رضي الله عنه، وأخرجه الائمة: (أبو داود والترمذى وابن ماجة، وغيرهما من مؤلفي كتب الحديث والسنة، وأجْمع المسلمون على مشروعيته".

<<  <  ج: ص:  >  >>