للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك فلا حجة لك، فإن كنت غائبا فلك إقامة البينة، والعُروضُ والحيوانَ والرقيق كذلك.

وأما في الاقارب فقال مالك: الحيازة المكَذِّبة للدَّعوى في العقار نحوُ الخمسين سنة، يتسامحون بيْن القرابة أكثر من الاجانب. وخالفَنَا الشافعي وسمِح الدعوى في جميع هذه الصور، ولنَا ما تقدم.

القاعدة الثانية:

في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه. (١٢)

إذْ هُمَا مُلْتبسان، لأنه ليس كلُّ طالِبٍ مُدَّعيا، ولا كلّ مطلوب مدّعىً عليه.

وضابط المدعِي والمدَّعَى عليه، للأصحاب فيه عبارتان: إحداهما أن المدعي هو أبعَدُ المتداعيْين سَبَباً، والمدَّعَى عليه هو أقرب المتداعيَيْن سبباً، والعبارة الثانية - وهي توَضِحُ الأولى - المدعى مَن كان قولُهُ على خلاف أصْل أو عُرْف، والمُدعَى عليه مَن كان قولُه على وفْق أصْل أو عُرْف.

وبيَانُ ذلك بالمثال أن اليتيم إذا بَلغ وطلبَ الوصىَّ بماله فإنهُ مدَّعىً عليه، والوصىُّ مدَّعِ، علَيه البينة، لأن الله تعالى أمَرَ الأوصياء بالإِشهاد على اليتامى إذا دفعُوا إليهم أمْوالهم (١٣)، فلم يأتمنهم على الدفع بل على التصرف والإِنفاق خاصة،


(١٢) هي موضوع الفرق الثاني والثلاثين والمائتين بين القاعدتين المذكورتين جـ ٤. ص ٧٤. لم يعلق عليه العلامة ابن الشاط بشيء.
(١٣) وذلك في قوله تعالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} سورة النساء، الآية ٦.
ويُعتبر المدعِى والمدعَى عليه من. جملة أركان القضاء والحكم في الدعوى القضائية، والتي منها: المدَعى فيه، والقاضِي، والمقضى به، وكيفية القضاء، ومسطرته. إذ بمعرفة المدعى والمدعى عليه، وتمييزِ أحدهما من الاخر، يتميز ويتضح وجهُ القضاء، كما قال احد أعلام التابعين: سعيد بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>