للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقسم الثالث لم تقْضِ العادة بصدقها ولا كذبها، كدعوى المعاملة، وتُشترط فيه الخلْطة يكون بعد هذا -إن شاء الله- في بيان قاعدة من يَحلف ومن لا يحلف.

وأما ما تُكَذِبُهُ العادة فقال مالك في الأجانب: سنين، ولمْ يَحُدَّه بعَشْر، وقال غيرهُ: عشْرُ سنين تَقْطَعُ دعوى الحاضر، إلا أن يقيم بينة أنه أكْرى أو أسْكن أو أعارَ، ولا حيازة على غائب. وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من حَاز شيئاً عشْرَ سنين فهو له" (١٢)، ولقوله تعالى: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}، فكلُّ شيء كذبه العرف وجَبَ ألَّا يُومَرَ به، بل يؤمَرُ بالمِلْك لحائزه. وقال ابن القاسم: الْحِيازة من الثمانية إلى العشرة، وقال مالك: مَن أقامتْ بيده دارٌ سنين يُكري ويَهْدِمُ ويبْنى، ثم أقَمْتَ بينةً أنها لك أو لأبيك أو لجدك، وثبتَت المواريث وأنتَ حاضر تَراه يفعل


(١٢) "أخرجه ابن القاسم في المدونة من حديث سعيد بن المسيِب مرْسَلاً، وفي اسناده عبد الجبار بن عمر الأيلى، وهو ضعيف كما في ترجمته من التهذيب لابن حجر. وفي معناه ايضا حديث: "من احْتازَ شيئا عشر سنين فهو له". اخرجه ابو داود في المراسيل من حديث زيد بن اسلم مرسلا، وذكره في باب الاقضية.
قال في التوضيح: وبالعشر سنين أخذ ابن القاسم وابن عبد الحكم وأصبغ. ولابن القاسم كما في الموازية أن السَّبْعَ والثمانَ وما قارَبَ العَشْرَ مثلُ العشرة.
ويقول ابن رشد في شرحه لكلام المستخرجة: العشر سنين وما قاربها، يريد، والله أعلم، والشهرين والثلاثة، وما قارب منها ثلث العام وأقلَّ. وقد قيل: إن ما قرُبَ من العشرة الاعوام بالعام والعاميْن حيازة.
قال الحَطاب: فتحَصل في مدة الحيازة ثلاثة أقوال:
الاول: قول مالك أنها لا تُحَدُّ بسنين مقدَّرة، بل باجتهاد الإِمام.
الثاني: أن المدة عشر سنين وهو القول المعتمد، بناءً على الحديث، وَوَجَّهَهُ ايضا ابنُ سحنونٍ بأن الله أمر نبيه بالقتال بعد عَشْر سنين فَكان أبْلَغَ في الإِعْذار.
الثالث: أن مدة الحيازة سبعُ سنين فاكثر، وهو القول الثاني لإبن القاسم.
ومن أدلة اعتبار الحيازة والاخذِ بها وتقديمِ صاحب اليد ببينته عند تَساويها مع بينة المدعى ما رُوِي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اخْتصَمَ إليه رجلان في دابة أو بعير، فأقام كل واحد منهما البينة بأنها له أنتجها، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للذي هي في يده، وأنتجها. اخرجه البيهقي وضعفه ابن حجر في التلخيص". انظر الكلام على الحيازة واحكامها في كتب الفقه، وفي الموسوعة الفقهية الكويتية بتفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>