الأول أن النكاح خطيرٌ (١١)، والوطء لا يُستدرَك، فأشبه القتل.
الثاني أن النكاح لمّاَ اختص بشروط زائدة على البيع من صداق وغيره خالفت دعواه الدعاوى، قياسا للدعوى على المدعَى به.
الوجه الثالث أن المقصودَ من جميع العقود يدخله البدل والإِباحة، بخلافه، فكان خطيرا، فيحتاط فيه.
والجواب عن الأول أن غالب دعوى المسلم الصحةُ، فالاستدراك حينئذ نادر، والنادر لا حُرْمَةَ له، والقتل خطرُه أعظم من النكاح، وهو الفرق المانع من القياس.
وعن الثاني أن دعوَى الشيء تتناول شروطه، بدليل المنع، فلا يحتاج إلى الشروط، كالبيع له شروط لا تُشترَط في دعواه.
وعن الثالث أن الردة والعِدَّة لا يدخلهما البدَل والإِباحة، ويكفي الإِطلاق فيهما.
المسألة الثانية: في بيان قولي: "لا تكذبها العادة":
الدعاوَى ثلاثة أقسام:
قسم تصدقه العادة كدعوى القريب الوديعَةَ.
وقِسْم تكذبه العادة كدعوى الحاضِر الأجنبي مِلْكَ دارٍ في يد زيد، وهو حاضر، يراهُ يبنى ويَهْدم ويؤاجِر مع طول الزمان، من غير وازع يزَعه عن الطلب من رغبة أو رهْبة، فلا تُسمع دعواه لظهور كذبها.
(١١) كذا في ع، وح. وعند القرافي خطر بالمصدر، سواء في الكلمة الأولى أو الثانية، والمراد من وصف النكاح بركونه خطرا أو خطيرا إبرازُ أهميته الخاصة وشروطه المتميزة على غيره من العقود. لذلك سمى الله عقد النكاحْ ميثاقا غليظاً، وذلك في قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}. سورة النساء، الآية ٢٠ - ٢١.