للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها قول المحَدِّثين: ليس هذا الحديث بصحيح, بناء على الاستقراء.

ومنها قول النحويين: ليس في كلام العرب اسمٌ آخِرُهُ واوٌ قبْلَها ضمَّة، ونحو ذلك.

القسم الثالث، نحوُ أن زيدا ما وفَّى الدَّيْن الذي عليه، أو ما باع سلعته أو نحوُ ذلك، فإنه نفْيٌ غيرُ منضبط، وإنما يجوز في النفي المنضبط قطعا أو ظَناً، وكذلك يجوز أن زيْداً لمْ يَقتُلْ عمراً أمسِ، لأنه كان عنده في البيت، أو أنه لم يسافرْ، لأنه رآه في البلد، فهذه كلها شهادة صحيحة بالنفي، وإنما يمتنع غير المنضبط، فظهر أن إطلاق قول الفقهاء ليس بصحيح، (١٧١) والله أعلم.

القاعدة السادسة عشرة:

في الفرق بين الفتوى والحكم. (١٧٢)

وفائدة معرفة هذا الفرق أنه ينبني عليه تمكين غيره من الحكم بغير ما قال في الفتوى في مواضعِ الخلاف، بخلاف الحكْم.

ثم لِتَعْلَمْ أن العباداتِ كلَّها على الاطلاق، لا يدخلها الحكم، بل الفُتْيا فقط، فكلُّ ما وُجدَ فيها من الإِخبارات فهي فُتْيا فقط، إذ ليْسَ للحاكم أن يحكم بأن هذه الصلاةَ صحيحة أو باطلة فَيَحْرُمُ بعدَ حكمه مُخَالَفَتُهُ (١٧٣)، ويُلْحَقُ


(١٧١) عبارة القرافي: وانما يمتنع غير المنضبط، فاعْلَم ذلك، وبه يظهر أن قولهم: الشهادة على النفي غير مقبولة، ليسَ على عمومه، ويحصل الفرق بين قاعدة ما يجوز أن يشهد به من النفي وقاعدة ما لا يجوز أن يشهدَ به منه.
(١٧٢) هي موضوع الفرق الرابع والعشرين والمائتين بين قاعدة الفتوى وقاعدة الحكم. جـ ٤. ص ٤٨. وقد أفرد القرافي رحمه الله لهذا الموضوع كتابا صغير الحجم كبير الفائدة، سماه: "الإِحكام في تمييز الفتاوى عن الاحكام، وتصرفات القاضي والإِمام، وهو مطبوع طبعا حديثا بتحقيق الاستاذ أبو بكر عبد الرزاق، ومتداول بين العلماء والفقهاء.
(١٧٣) زاد القراقي قوله: ولا أن هذا الماء دون القلتين فيكون نجسا، فيحرم على المالكي بعد ذلك استعماله، بل ما يقال في ذلك إنما هو فتْيا، إن كانت مذهبَ السامع عِمل بها، وِإلَّا فله تركها والعمل بمذهبه.
وقد علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في اول هذا الفرق إلى قوله: فله تركها والعمل، بمذهبه، فقال: ما قاله في ذلك صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>