للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة الرابعة:

أقرِّرُ فيها ما للأجير إذا لم يعمل جميعَ العمل، (٩) فأقولُ:

بأخذ بنسبةِ ما عَمِل، غيرَ أنه قد يقع الغلط في هذا.

وبيان ذلك من حيث إنّ من استوجِرَ على خياطة ثوبيْن فخاط ثوبا واحدا وهو نصف ذلك العمل فله نصفُ الأجْرة، وهذا لا كلامَ فيه، ويقع الغلط فيمن استاجر رجُلا على أن يَحْفِر له بئرا: عشرةً في عشرة أذرعٍ، تكون مربَّعة، من كل جهةٍ عشرةٌ، يكون عمقها عشرةً في عشرة، فيعمل خمسةً في خمسة، أو استوجر على أن يعمل صندوقا عشرة في عشرة، فعمل خمسة في خمسة، قد يُظَنُّ هنا أن لهذين نِصفَ الأجرة، ولكن قال الفضلاء: له في مسألة البئِر الثُّمُن، وفي مسألة الصندوق الرُّبعُ، فلم يَجْرُوا على قاعدة الإِجارَة، ولمْ يَجْرُوا أيضا في المخالفة على نمط واحد. (١٠)


(٩) هي موضوع الفرق السادس والمائتين بين قاعدة من عملَ من الأجَرَاء النصفَ مما استؤجر عليه يكون له النصف، وبين قاعدة من عمِلَ النصف لا يكون له النصف" جـ ٤. ص. ١٠.
قال القرافي رحمه الله في أوله:
إعلم أنه قد وقع في الاجارات أن من استأجر رجلا على أن يخيط له ثوبين أو يبنى له دارين أو نحو ذلك ففعل أحَدَهما وهو النصف استحَق النصف، وهو ظاهر ... الخ ما ذكره القرافي واختصره البقوري هنا رحمهما الله.
(١٠) وقد علق الشيخ أبو القاسم ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذا الفرق، فقال: هذا الفرق فاسد الوضع، فاحش الخطأ، فإنه قاعدة واحدة لا غيرُ، وكلُّ من عمل النصف فله النصف لا محالةَ، وانما يجري الوهم على الاغبياء، فيظنون أن من استُؤجِر على عشرة في عشرة فعمل ذلك فقد عمل جميع ما استُؤجر عليه، وذلك صحيح، وأنه متى استُؤجِز على ذلك فعمل خمسة في خمسة أنه عمل النصفَ، وذلِك غير صحيح، بل عَمِل الثُّمُن فيما استُؤجر عليه، كيف وقد بين المؤلف ذلك بعد هذا في أثناء الكلام في هذا الفرق. والعجَب منه كيف ظن أن الترجمة صحيحة مع علمه أنه لم يعمل النصفَ، ولكن الغفلة لازمة لمن لم يُعْصَم من البشر، ولكن هذه الغفلة لا يُعذرُ صاحبها والله أعلم.
أقول: يلاحَظ أن هذا التعقيب عند ابن الشاط لم يَخْلُ من قسوة وشدة كما يقع له احيانا في بعض التعقييات على كلام القرافي. وقد نبهت على ذلك في تعليقات وملاحظات سابقة. غير أنه لا يظهر بوضوح عند التأمل والتمعن مَلِيًا وجودُ اختلاف أو تناقض جَلِيّ بين الترجمة =

<<  <  ج: ص:  >  >>