للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاول: ما هلك بسبب حامله مِن عِثار أو ضَعْف حَبْلٍ لم يُغَرَّ (٧ م) بِه، أو ذهابٍ دابة أو سفينة بما فيها فلا ضمان ولا أجْرة، ولا عليه أن ياتي بمثله لِحَمْلِهِ، قاله مالك. وقال غيره: ما هلك بعثار كالهلاك بأمر سماوي.

وقال ابن نافع: لِرَبِّ السفِينَةِ بحسابِ ما بلَغتْ.

الثاني: ما غُرِّر فيه بِضَعف حَبْل، يَضْمَنُ القيمة بموضوع الهلاك، لأنه موضع أثَرِ التفريط، وله من الكراء بحسابه، وقيل: بموضوع الحمْل منه لأنه منه ابتدأ التعدِي.

الثالث: ما هلك بأمْرٍ سماوي بالبينة، فله الكراء كُلَّهُ، وعَليْه حمْلُ مثلِه من موضوع الهلاك، لأن أجرة المنفعة مضمونة عليه.

الرابع: ما هلك بقولهم من الطعام لا يُصَدَّقون فيه لقيام التهمة، ولهم الكرأء كله، لأنَّ شأن الطعام امتداد اليدِ إليه، لأنهم استحقُّوهُ بالعقد.

الخامس: ما هلَكَ بأيديهم من العروض يُصَدَّقون فيه لبُعْد التهمة، ولهم الكراء كله، وعليهم حمْلُ مثِله من موضع الهلاك، لأنهم لمّا صُدِّقوا أشبهَ ما هلَك بأمر سماوي، وقال ابن حبيب: لهم من الكراء بحساب ما بلغوا، ويُفسَخ الكراء، لأنه لمّا كان لا يُعْلَمُ إلا من قولهم أشبَهَ ما هلك بِعِثار.

قلت: لم يذكر إجارة الصُّناع على عمَلٍ في السلعة يُغَيّرها كالصَبْغ وأمثالِه، فإنه عند مالك يضمَنُ فيه الأجِيرُ، وهو بمنزلة الطعام الذي تمتد الأيدي إليه (٨).


(٧) هي موضوع الفرق الثالث عشر والمائتين بين القاعدتين المذكورتين. جـ ٤. ص ١٨، قال في أوله القرافي رحمه الله: "إعلم أن هذا الموضع مشكل على مذهبنا في ظاهر الأمر، فإن الإحياء عندنا إذا ذهب ذهبَ المِلْكُ، وكان لغيره أن يُحْييَه، ويصيرُ مواتا كما كان الخ ...
(٧ م) كذا في جميع النسخ. وعند القرافي: لم يغرَّرْ به.
(٨) قلت: وموضوع تضمينِ الأجَرَاء فيما استؤجروا عليه، كذا والصناعُ فيما وُضع بين أيديهم وائْتُمِنُوا على صنعه أو إصلاحه، موضوع كذلك تناوله الفقهاء رحمهم الله في مؤلفاتهم الفقهية بشيء من الدقة والتفصيل، ومنهم من أفْرَدَ لَهُ كتابا خاصا بموضوع تضمين الصناع، فليرجع لذلك من أراد التوسع في هذا الموضوع الهام والدقيق من أحكام التشريع وأبواب الفقه الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>