للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل هذا لو كان له عِدَّة ثِياب للسترة (أيْ في الصلاة) فتَصَرَّف أيضًا فيها عدَا الواحد، ثم ضاع ذلك الواحدُ لسقط عنه الوجوب.

ومثل هذا لَوْ كان عنده من الماء كفايتُهُ للوضوء مِرارا فتصرّف في الزائد، ثم طرأ على الكفاية ذلك لَما وجب عليه.

وكذلك مَنْ كان عليه قدرٌ معلوم للزكاة الواجبة عليه لأجْل الفِطر وزيادةٌ عليها، فتصرف في الزائد ثم ضاع، لسَقط عنه الوجوب.

فهذه الصور وغرها لو استُقرئتْ تَحَقَّقَ أن الحق ما اعتبَرهُ مالك رحمه الله من الفرق بين وجود السبب سالما عن المعارض يترتب عليه الوجوب إذا لم يكن تخيير. ولا يترتب عليه إذا كان ثَمة تخيير.

ولا يقال: هو رجُوعٌ إلى مذهب الحنفية في مسألة الأوقات، بل الوجوبُ موسَّعٌ من أوّله إلى آخره، ولكنه للتخيير الذي فيه تصوَّر ما تَصَوَّر، واللهُ أعلم. (٧)

القاعدة الثانية (٨)

نقسم فيها الأسباب، ثمَّ نقرر الفرق بين بعضِ الأسباب وبعضٍ، فنقول:


(٧) قال الإِمام القرافي رحمه الله في ختام الكلام على هذا الفرق وما ذكره فيه من أمثلة ونظائر: "وظهرَ أنه لا فرق بين قيام الْمعَارض في جميع صُوَر السَّبب وبيْن قِيامه في بعض صُورَهِ إذا كان التَّخييرُ في البَعض الآخَر، فتأمَّلْ هذا الفرق فهو دقيق، وهو عُمدة المذهب في هذه المواضع ... وقد علق عليه الفقيه ابن الشاط رحمه الله بقوله: ما قاله صحيح.
(٨) هي موضوع الفرق الخامس والثلاثين بين قاعدة الأسباب الفعلية وقاعدة الأسباب القولية ... جـ ١، ص ٢٠٣.
قال عنه القرافي في أوله: "فالأسباب الفعلية كالاحتطاب والاحتِشاش والاصْطياد، والأسبابُ القوليةُ كالبيع، والهِبة والصدقة والقِراض، وها هو في الشرع من الأقوال سبَبُ انتقالِ المِلك، وافترقتْ هاتان القاعِدتانِ من وجوه تظهر بذِكْر مسائِلِها .. ثم بدأ بالكلام على الأسباب الفعلية الخ.
وقد علق عليه ابن الشاط في أول الكلام أعلى الفرق الرابع والثلاثين بقوله: ما قاله في الفرق الخامس والثلاثين صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>