للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الاجتهاد]

وفيه خمس قواعد:

القاعدة الأولى (١)

نقرر فيها من يجوز له أن يفتي ومن لا يجوز له أن يفتي، فنقول:

المشتغل بالفقه، له أحوال:

الحالة الأولى أن يشتغل بمختصَر من مختصرات مذْهَبه، فيه مُطْلَقات مقَيَّدةٌ في غيره، وعمومات مخصوصاتٌ في غيره، فهذا حرامٌ على الإنسان أن يفتي الناسَ بما فيه، إلا أن يعلمَ أن مسألة من مسائله عَرِيَتْ عن هذا وهي مسْتوفاةٌ فيه، فيجوز له أن ينقلها لمن سأل عنها ولا يشبِّهُ بها غيرَها، بل يذكرها أن كانت القضية هي هي، إذْ الفروق كثيرة، وقد لا يعرفُها.

الحالة الثانية، أن يَّكْثُر اشتغاله بالمطْلقات والمقَيَّدات ويطَّلِعَ على تفاصِيل المسائل في الشروحات والمطوَّلات، ولكنه لا يعْرف فداركَ إمامه ومستنداتِهِ في فروعه ضبطا متْقَناً، بل سَمْعاً من حيث الجملة من أفواهِ الطلبة والمشايخ، فهذا يجوز له أن يفتي بجميع ما ينقله ويَحفَظُه في مذهبه، اتّباعاً لمشهور ذلك الذهب، ولكنه إذا وقعت له واقعة ليست في حِفْظه لا يخَرجُها على محفوظاتِهِ ولا يقول: هذه تُشْبِهُ المسألة الفلانية، لأن ذلك إنما يصح لمن أحاط بمَدَارِك إمامه وأدلته وأقْيِسَتِه وعلله التي اعتمدَ عليها مفصّلة، ومعْرفةِ رتب تلك العِلل، ونِسْبَتِها إلى المصالح الشرعية، وهل هي من باب المصالح الضرورية أو الحاجية أو المتمِّمة؟ وهل


(١) هي موضوع الفرق الثامن والتسعين بين قاعدة من يجوز له أن يفتى وبين قاعدة من لا يجوز له أن يفتي: جـ ٢، ص ١٠٧.
قال القرافي رحمه الله في أوله: "إعْلَمْ أنَّ طالب العلم له أحوال ... الخ. ما ذكره هو، ولخصه تلميذه البقوري رحمهما الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>