للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الجهاد]

وفيه أربع قواعد:

القاعدة الأولى (١):

لِمَ صحّ أخْذُ الجزية من الكفّار علَى أن يتمادَوْا على كفرهم، ولَمْ يصحّ أخذُ شيء من الفاسقين على أن يقَرّوا على الزنى ويتمادَوْا عليه، ومَفْسَدَةُ الكُفرِ أشدُّ من مَفسدة الزنى؟

وقد طَعَن بعض الطاعنين على أخذ الجِزْية، فقال: شأن التشريع درء المفسدة العظمى بإيقاع الفسدة الدنيا وتفويت المصلحة، ومفْسدة الكفر تُرْبي (٢) على مصلحة أخذ المال الماخوذ في الجزية من الكُفَّار، بل على جملة الدنيا وما فيها.

والجواب عن هذا السؤال، وهُوَ إبداء الفرق بين القاعدتين، أنَّ إقرار الكافر على الكفر ما كان القصدَ الأكبر بذلك بعْد أخذ المال، بل ليقع إسلامُ ذلك


(١) هي موضوع الفرق السابع عشر والمائة بين قاعدة أخذ الجزية على التمادي على الكفر فيجوز، وبين قاعدة أخذِ الأعواض على التمادي على الزنى وغيره من المفاسد فإنه لا يجوز إجماعا جـ ٣. ص ٩.
وموضوع الجهاد في سبيل الله، وفضله وثوابه عند الله ورد ذكره في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وتوسع علماء التفسير والحديث والفقه في أحكامه المتعددة، كما أن الجزية ورد ذكرها في قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} سورة التوبة. الآية ٢٩.
والجزية وأحكامها تابعة لأحكام الجهاد، ولذلك تكلم عنها كذلك علماؤنا رحمهم الله، وتناولوها بشيء من البيان والتفصيل سواء في محب التَّفسير أو الحديث أو الكتب الفقهية والأحكام السلطانية.
(٢) كذا في نسختي ع، وح، وعند القرافي، وفي نسخة ثالثة يربو، من الفعل الثلاثي ربا، بمعنى زاد ونما، وقد جمعتهما الآية الكريمة في قول الله تعالى في تحذير الناس من الربا: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ}. سورة الروم. الآية ٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>