للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها من تغريم وغيره (*) ومن أتى مصلحة يظنها أو يعتقدها مفسدة كبيرة ثم بان كذب ظنه فقد أثم وفسق، وانعزل عن الشهادات والروايات والولايات، ولا يحد عليها، لأنه لم يحقق المفسدة، ولذلك لا يعذب عليها في الآخرة عذاب من حقق المفسدة. والله أعلم.

القاعدة الخامسة: فيما يترك من الصالح لسبب، وفيما يفعَل من المفاسد لسبب، فأقول:

إن المصالح قد يجب تركها لأشياء تعلقت بها، وكذلك المفاسد قد يجب فعلها لأشياء تعلقت بها.

فمن القسم الأول: الإِكراه بالقتل على ترك كلمة الاسلام، وعلى ترك الصلاة، وكذلك المرض الشديد الذي يخشى معه التلف على الصائم، وهذا كثير في الشريعة.

ومن القسم الثاني أن القتل يجب بسبب الكفر والبغي والصيال على النفوس، ويجوز بالصيال على الأموال (١٢)، ومنه تخريب الديار، وقطع الاشجار في حق الكافرين، ومنه التولي يوم الزحف جائز بالأعذار، وهذا أيضا - كثير في الشريعة للمتأمل فيها، وإنا لا نتعرض للجزئيات والأمثلة والشواهد بالاستقراء، بل مقصدنا تقرير القاعدة الكلية فقط، وهذا القدر كاف فيما أردناه، والله أعلم.

القاعدة السادسة: في بيانه أنه ليس كل المصالح يؤمر بكسبها، ولا كل المفاسد ينهى عن فعلها.

إعلم أنه ليس كل المصالح يؤمر بكسبها، ولا كل المفاسد ينهى عن فعلها، بل المصالح، والمفاسد، منها ما يكتسب، ومنها ما لا يكتسب، فما يكتسب يقع


(*) في نسخة ح: من تحريم وغيره. ولعل الأولى أظهَرُ.
(١٢) "والصائل"، الصائل بصيغة اسم الفاعل في الكلمتين، وهو وصف يتضمن المصدر، والصيال بالمصدر؟ في نسخة ع متناسب مع ما قبله من مصادر الكلمات، والعلماء يقولون: المشتق يؤذن بعلية ما اشتق منه الحكم، مثل قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} فهو يؤذن بأن علة القطع هو السرقة، وهذا يفيد أن ما في النسختين معا سليم العبارة والمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>