للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الرابعة: اختلَف العلماء في قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}. قال ابن عَطية في تفسيره: قيلَ إنَّ أو للتنويع لا للتخيير، وقيل: للتخيير، ومعناه أنَّ الانسان مخيَّرٌ في أن يَرُدَّ أحسنَ أو يقتصر على لفظ المبتدئ إن كان قد وقف دون البركات، وإلا بطل التخيير، لِتَعَيُّن المساواة. وقيل: لابد من الانتهاء إلى لفظ البركات مطلقا، وحينئذ يتعين تنويع الردّ إلى المثل إن كان المبتدئ انتهى للبركات، وإلى الأحسن إن كان المبتدئ اقتصر دون البركات، فهذا معنى التخيير والتنويع.

القاعدة الحادية والعشرون:

في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ. (٢٥٠)

قال - صلى الله عليه وسلم -: "لَتامُرُنَّ بالمعروف ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكر أو ليوشكَنَّ أن يبعث الله عقابا منه ثم تدْعونه فلا يستجابُ لكم" (٢٥١).


= النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تمشُوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا ئقْذفوا: محصنةً، ولا توَلَّوا الفرار يوم الزحف، وعليكم - خاصَّةَ اليهود - ألَّا تَعْلُو في السبت". قال: فقبَّلا (اليهُوديان) يده ورجله، وقالا: نشهد أنك نبي ... إلخ وعن أمّ أبَانٍ، بنْت الوازع بن زارع عن جدها زارع رضي الله عنهم، وكان في وفد عبد القيس (الذين وفَدُوا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا أربعة عشر رجلا، قال (أي زارع): لمّا قدِمْنا المدينةَ، فجعلنا نتبادر من رواحلنا (أي نَنزل عنها مسرعين)، فنقَبِّل يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجْله، وانتظَرَ المنذِرُ الأشجُّ حتَّى أتَى مَجْيتَه (أيْ وِعاءَ ومكانَ الملابس)، ولبسَ ثوبيه، ثمّ أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: إن فيك خَلَّتين يحبهما الله: الحِلْمَ والأناة، قَال: يا رسول الله، أنا أتخلَّقُ بهمِا أم جبلني الله عليهما؟ قال: بل الله جبلك عليهما، قال: الحمد لله الذي جبلني على خَلَّتيْن يحبهما الله ورسوله". رواه أبو داود، والترمذي بسند حسن. ففي كل هذا دلالة على جواز تقبيل اليد والرجل لمن كان أهْلا لذلك، لكونه أباً أو أماً، أو شيخاً في العلم، أو لفضله وعلمه، ومكانته ومسؤويته التي وضعه الله فيها. والمقام الذي جعله الله فيه، علما وصلاحا، وورعاً وتقوى.
(٢٥٠) هي موضوع الفرق السبعين والمائتين بين قاعدة ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحْرُمُ وما يُندَب". جـ ٤. ص.٢٥٥.
(٢٥١) رواه الطبراني، والترمذي بسند حسن. وفي أوله: "والذي نفسي بيده، لَتأمُرنَّ بالمعروف ولَتنْهَوُن عن المنكر ... الخ."

<<  <  ج: ص:  >  >>