للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القواعد النحوية وما يتعلق بها]

وفيها خمس عشرة قاعدة

القاعدة الأولى: في الشرط. (١).

إعلم أنه يتميَّز لك بحقيقته وبذكر أضداده وبذكر أقسامه.

أما حقيقته فهو الذي يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجُودٌ ولا عدم لذاته، ولا يشتمل على شيء من المناسبة.


(١) هذه القاعدة هي مبحث الفرق الثالث عند الإمام القرافي في كتابه الفروق، والذى ما هو أصل وأساس ترتيبه واختصاره عند تلميذه الشيخ البقورى رحمهما الله.
وموضوعه هو الفرق بين الشرط اللغوى وغيره من الشروط العقلية والشرعية والعادية، قال عنه القرافي في أوله:
إن أكثر الناس يعتقدون أن الكل معنى واحد، وأن اللفظ مقول عليها بالتواطؤ، وأن المعنى واحد، وليس كذلك. بل الشروط اللغوية قاعدة مباينة لقاعدة الشروط الأخَر. ولا يظهر هو الفرق بين القاعدتين إلا ببيان حقيقة الشرط والسبب والمانع". ثم أخذ في تعريف كل واحِدٍ منها، كما هو عند البقورى هنا.
وهو من الفروق الطويلة المباحث الكثيرة الجزئيات عند القرافي رحمه الله.
وقد علق الشيخ قاسم بن الشاط رحمه الله على كلام القرافي في أوله بقوله: كان حقه - كما فرق بين الشرط اللغوى وغيره - أن يفرق بين سائر الشروط، فإن الشرط العقلى ارتباطه بالمشروط عقلي. ومعنى ذلك أن من حقيقة المشروط ارتباط ذلك الشرط به. والشرط العقلى ارتباطه بالمشروط شَرْعيٌّ، يعنى ذلك أن الله تعالى ربط هذا الشرط ومشروطه بكلامه الذي نسميه خطاب الوضع. والشرط العادى ارتباطه بالمشروط عادى. ومعنى ذلك أن الله تعالى ربط هذا الشرط بمشروطه بقدرته ومشيئته. والشرط اللغوى ربطه بمشروطه واضع اللغة، اى جعل هذا الربط اللفظي دالا على ارتباط معنى اللفظ بعضه ببعض. هذه فروق بين هذه الشروط واضحة.
وأما الفرق الذي ذكره (أى القرافي) فمبنى على اصطلاح أصولي، ولذلك احتاج في بيانه إلى ذكر الفرق بين الشرط والسبب والمانع عند أهل الأصول، وليس ذلك بمتفق عليه، فقد ذهب الاستاذ أبو إسحاق الاسفراينىي إلى خلافه. وما ذكره (أي القرافي) من رسوم السبب والشرط والمانع لا بأس به وما ذكره من أن الشروط اللغوية أسباب فبناء على ذلك الاصطلاح. وما ذكره من احتمال تسمية جميع تلك الشروط شروطًا باعتبار قدر مشترك بينها، وهو توقف الوجود على الوجود مع قطع النظر عما عدا ذلك، صحيح ظاهر". انتهى كلام ابن الشاط في هذا المجال والتعليق على هذا الفرق.
وقد توسع الشيخ الإمام أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله في الكلام عليها في كتابه الموافقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>