قال القرافي رحمه الله في أوله: وهو (أي ما يوجب التأمين) إما المصلحة أو الأمان. والجميع يوجب الأمان والتأمين، غير أن عقد الجزية يكون لضرورة ولغير ضرورة، لأن الله تعالى إنما أوجب القتال عند عدم موافقتهم على أداء الجزية، لقوله "حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" فجعل القتال مغَيّىً إلى وقت موافقتهم على أدائها، ولا يعقده إلا الإِمام، ويدوم للمعقود لهم ولدراريهم إلى قيام الساعة، إلا أن يحصل للعقد ناقض كما تقدم، وأنه ليس رخصة على خلاف القواعد، بل على وفق القواعد كما تقدم بيان ذلك. (١١) كذلك في نسخة لترتيب الفروق، وهو الصواب والتعبير السليم. وفي كل من نسختي ع، وح. الذي يحصل به التأمين، وهو غير صواب، لأن اسم الوصول نعت لكلمة العقود التي هي جمع تكسير، لغير العاقل، وكل جمع من هذا القبيل يعتبر مؤنث المعنى والتعبير، وإليه ويرمز المرتجز القائل: إن قومى تجمعوا ... وبقتلي تحدثوا لا أبالي بجمعهم ... كل جمع مؤنث والجزية في نظر الفقهاء وتعريفهم لها هي: ضريبة سنوية على أهل الذمة يقدر الإِمام الخليفة قيمتها، وتفرض على الرجال البالغين الأقولاء، فلا جزية على صبي، ولا زائل العقل، ولا امرأة، ولا فقر عاجز، ولا شيخ فان ولا أعمى ومن في معناهم من الضعفاء العاجزين، كما يعفي منها من يحارب ويقاتل مع جيش المسلمين. والجزية بالنسبة لأهل الذمة، في مقابلة زكاة الأموال عند المسلمين، وذلك ما جعل كثيرا من كتب الفقه تذكرها بجانب الزكاة. وكما أن لأهل الذمة حقوقا بمقتضى عقد الجزية، فإن عليهم واجبات بمقتضى نفس العقد، وذلك باحترام الإسلام والمسلمين ومراعاة شعورهم، وعدم التنقيص من الإِسلام وكتابه القرآن المبين، ونبيه الكريم، وعدم الدعوة للعقائد المخالفة للاسلام، وعدم التظاهرة بتناول المحرمات من خمر وخنزور، وعدم بيعهما للمسلمين. وعلى هذا الأساس من عقد الجزية وما يستوجبه من حقوق وواجبات يقوم التساكن بين أهل الذمة والمسلمين. وهناك الخراج، وهو ضريبة تفرض على رقبة الأرض، ويقدر الإِمام قيمتها، كما فرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أهل الذمة ضريبة تجارية مقدارها نصف العشر في مال التجارة في حال انتقالهم من بلد إلى بلد.