للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقد الجزية وعقد الصلح وعقد الأمان، هي وإن استوت في إعطاء الأمان، فهي تفترق من حيث ان الجزية ليست إذا أخذناها منهم رخصة من حيث إحتياجنا للمال، بل لما قدمناه من المصلحة العظيمة من رجاء إسلامهم.

وأما الصلح والأمان فما يكون إلا رخصة (١٢). وأيضا فالصلح والأمان يكونان للمال، والجزية لا بد فيها من أخذ المال.

ثم الأمان قد يكون من آحاد المسلمين إذا كان تأميناً لواحد أو قليل، وأما التأمين للجيش فليس إلا للأمير لرخصة (١٣)، ولما رأى في ذلك من مصلحة.

وأيضاً وقع الفرق بأن شروط الجزية مضبوطة من حيث قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}. وقد تقدم ذكر ابن حزم لها، وشروط الصلح مختلفة بحسب ما يظهر للامام في ذلك الوقت من المصلحة. وأيضاً فالجزية لا أمد لها، والصلح له أمد محدود. وأيضاً فالجزية توجب علينا الذب عنهم وطرد عدوهم عنهم. وأهل الصلح هم لنا كالأجانب، إلا أن يشترط في الصلح ذلك.

قلت: ولنذكر هنا مسألتين فقهيتن، بينهما اشتباه، ثم وقعت الخالفة في الحكم (١٤).

المسألة الأولى، قال ابن القاسم: إذا دخلت المرأة من أهل الحرب إلينا بأمان فأسلمت فولاؤها للمسلمين، فإن سبي أبوها بعد ذلك جر ولاء ابنته إلى معتقه.

وقال: إذا أعتق المسلم لنصراني (١٥) فلحق بدار الحرب ناقضا للعهد ثم سُبي، فأعتقه من صار اليه، فإنه يكون ولاؤه للذي أعتقه أخيرا، وينتقل عن الأول،


(١٢) كذا في النسخ كلها: (فما يكون) بالإفراد، ويظهر أن الأنسب والصواب أن يقال: (فما يكونان) بالنية كما هو في العبارة الموالية بعد هذه.
(١٣) كذا في نسخة ع، وح: لرخصة بالتنكير. وفي نسخة ثالثة للرخصة بالتعريف.
(١٤) هاتان المسألتان مما أضافه الشيخ البقوري رحمه الله وألحقه بكتاب أستاذه القرافي رحمهما الله جميعا.
(١٥) النصراني: ثابتة في ع، ونسخة ثالثة، ساقطة في نسخة ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>