للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأيمان]

وفيها ثمان قواعد:

الأولى (١) كالتوطئة للأيمان

والقصد فيها الفرق بين ما يجب توحيد الله به من التعظيم وبين ما لا يجب توحيده به، فقال:

إعلم أن توحيد الله بالتعظيم ثلاثة أقسام: واجبٌ إجماعا، وغير واجب إجماعا، ومختلف فيه هل يجب أم لا؟

القسم الأول: توحيده باستحقاق العبادة والألوهية، ثم توحيده بعموم تعلق صفاته العلية، فالعلم الأزلي تعلق بجميع المعلومات، وقدرته بجميع المقدورات، وإرادته بجميع الرادات هكذا، فكذلك الكائنات كلها من خلق ورزق، وحياة وموت وغير ذلك، هي أثرُ قدرته لا قدرة غيره. وما كان للأنبياء من


(١) هي موضوع الفرق الرابع والعشرين والمائة بين قاعدة ما يجب توحيد الله تعالى به من التعظيم، وبينَ قاعدة ما لا يجب توجده به". جـ ٣. ص ٢٤.
قال الإِمام القرافي هنا رحمه الله: فيجب على كل أحد أن يعتقد توحيد الله وتوحُّدَه بهذه الأمور على سبيل الحقيقة، وإن أضيف شيء منها لغيره تعالى فإنما ذلك على سبيل الربط العادي لا أن ذلك المشار اليه فعل شيئا حقيقة، كقولنا: قتله السم، واحرقته النار، وأرواه الماء، فليس شيء من ذلك يفعل شيئا مما ذُكر حقيقة، بل الله تعالى ربط هذه السببات بهذه الأسباب كما شاء وأراد، ولو شاء لم يربطها، وهو الخالق لمسبباتها عند وجودها، (اي الأسباب) لا أن تلك الأسباب هي الوجدة، وكذلك إخبار الله تعالى عن عيسى عليه السلام أنه كان يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص، معناه أن الله تعالى كان يحيى الموتى ويبرئ عند إرادة عيسى لذلك، لا أن عيسى عليه السلام هو الفاعل لذلك حقيقة، بل الله هو الفاعل لذلك ومعجزة عيسى عليه السلام في ذلك ربط وقوع ذلك الإِحياء وذلك الإِبراء بإرادته، فإن غيره يريد ذلك ولا يلزم ارادته ذلك، فاللزوم بإرادة عيسى هو معجزته عليه السلام. وكذلك جميع ما يظهر على ايدي الأنبياء من المعجرات، والأولياء من الكرامات، الله هو خالقها.
وقد علق الفقيه الشيخ ابن الشاط رحمه الله على ما جاء عند القرافي في هذا القسم الأول فقال: ما قاله في ذلك صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>