المعجزات، وللأولياء من الكرامات فهى من حيث الكون بتكوينه جل وعلا، وأثرٌ
من آثار قدرته، ومن حيث انها وافقت في الكون مراد الأنبياء ومراد الأولياء كانت
من تلك الجهة معجزة أو كرامة.
القسم الثاني، المتفق علي عدم التوحيد به، كنوحيده بالوجود وسائر الصفات، فمفهوم الوجود مشترك فيه، وكذلك مفهوم العلم وسائر الصفات. ولولا الشركة في أصول هذه المفهومات لتعذر علينا قياس الغائب على الشاهد، فإن القياس بغير مشترك متعذر، وقياس الباين على مباينه لا يصح.
وقد أورد بعض الفضلاء هذا السؤال فقال: إن كان القياس صحيحاً لمعنى مشترك بين الشاهد والغائب فقد وقعت المشابهة بين صفات الله وصفات البشر، والله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لا من حيث الصفات ولا من حيث الذات، اذ السلب عام، وان لم يكن القياس صحيحا تعذَّر إثبات الصفات، فإن مستندَها قياس الغائب على الشاهد.
والجواب أن سلب المثلية صحيح، والقياس أيضا صحيح.
ووجه ذلك أن المعاني لها صفات نفسية تقع الشركة فيها، بها يقع قياس، وتلك الصفات النفسية حكم لذلك المعنى، وحال من أحوال النفسية، وهي حالة غير معللة، وذلك كما تقول: كوْن السواد سواداً، وكون البياض بياضا حالة السواد والبياض، وهي حالة غير معللة، وهي لا موجودة ولا معدومة، فليس خصوص السواد الذي امتاز به عن جميع الأعراض صفة موجودة قائمة بالسواد، وكذلك كونه عَرضا ليس بصفة وجودية قائمة بالسواد، بل السواد في نفسه بسيط لا تركيب فيه، وحقيقة واحدة في الخارج ليس لها صفة، بل يوصَف بها ولا يوصف بصفة وجودية حقيقية تقوم بها، وكذلك القول في بقية المعافي، فالقياس وقع بهذه الحالة النفسية والحكم النفسي لا بصفة وجودية. هكذا الأمر في العلم والقدرة والإِرادة وسائر الصفات.