للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه عَريٌّ عن المصلحة، لِأن تخصيص ذلك الوقت بذلك أفهمَنا ذلك حتى ياتي من الشرع أمر بالفعل في غيره، فنعلم - حينئذ - أن المصلحة في فعل ذلك الفعل في الوقتين، ولكن الوقت الأول أعظم مصلحة، والثاني دونه فيها، فهذا وجْهُ من قال: يجب بأمرٍ جديد، وهو الأظهر، والله أعلم.

قلت: ويُعَضده ما جاء، حيث قالت امرأة لعائشة - رضى الله عنْها - ما لَنا نقضى الصوم ولا نقْضى الصلاة؟ فقالت لها: أحرُوريَّة أنت؟ كُنّا نُومَرُ بقضاء الصوم، ولا نومَرُ بقضاء الصلاة (١٣٣).

القاعدة السابعة عشرة (١٣٤)

نقرر فيها أن النهْي لا يصحء التخيير، وأنه يخالف الأمر في هذا، فإنه يصح مع التخيير كما تقدم.

وبيان ذلك أن النهي عن حقيقة ذات أفرادٍ كالنهى عن الخنزير لا يصح الامتثال لهذا الامر إلا بترك كل فرد من أفراد تلك الحقيقةِ. ومتى تَرك أفرادا وفعل ذلك بحسب فردٍ منها، فما وقعَ الامتثال لهذا المعنى، فلأجل هذا كان التخيير مع النهي محالا ولا يصح، وهو جمعٌ بين النقيضَين.

ولما كان الامر بحقيقةٍ ذاتِ أفراد كالأمر بالكفارة يمتثِل الخاطب ذلك بإدخال فردٍ من الافراد، من حيث ان الحقيقة المطلوبة البيت قوله هي الكفارة - لَمَّا طُلبت منه - قد أتى بها إذا أتى بفردٍ فصح الأمرُ مع التخيير، وفي النهي ما أتُى


(١٣٣) حديث صحيح أخرجه الشيخان: البخاري ومسلم وغيرهما رحمهم الله. والمرأة السائلة اسمها مُعاذة. والحرورية نسبة إلى حروراء، وهى بلد قريب من الكوفة، اجتمع فها الخوارج عن علي ومعاوية، ثم إنَّهم يقولون بقضاء الصلاة والصوم، ووجوبهما على الحائض، فأفادتها عائشة رضى الله عنها أن المرأة مأمورة بقضاء الصوم، وغيرُ مطالَبة بقضاء الصلاة التي فاتتها ايام الحيض -
(١٣٤) هي موضوع الفرق السابع والاربعين بين قاعدة المأمور به يصح مع التخيير، وقاعدة المنهى عنه لا يصح مع التخيير" جـ ٢ ص ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>