للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا فرق عظيم (١٦٥).

الفرق الثاني في قرائِنِ الأحوال المفيدة للعلم القطعى الضروري، المحْتَفَّة بالانبياء عليهم السلام، المفقودة فى حق غيرهم، فنجد النبي عليه الصلاة والسلام أفضلَ الناس نسباً وموْلدا وشرفا، وخَلْقا وخُلقا، وصدْقا وأدبا، وأمانةً وزهادة واشفاقا ورِفقا، . وبُعْداً عن الدناءة والكذب والتمويه. {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}. (١٦٦)

ثم أصحابه يكونون في غاية العنم والنور والبركة والتقوى والديانة، فأصحابُ رَسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا بحراً فى العلوم على اختلاف أنواعها من الشرعيات والعقليات والجنايات والسياسات والعلوم الباطنة والظاهرة، حتى إنَّهُ رُوِيَ أن عليا جَلَسَ ابن عباس رضي الله عنهم في الباء من بسم الله، من العشاء إلى أن طلع الفجر، مع أنهم لم يدرسوا ورقةً ولا قرأوا كتابا ولا تفرغوا من الجهاد (١٦٧).

ولقد قال بعض الأصوليين: لو لم يكن شاهدٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أصحابُهُ لكَفَوْا في إثبات نبوته، وكذلك أيضا ما عُلم مِنْ فَرْطِ صدقه حتى يقال: محمد الْأمّي.


(١٦٥) قال ابن الشاط: إنما يظهر ذلك لِمَنْ جرَّبه وتكررتْ منه التجربة وقَلَّ مَن يجرّبُهُ.
(١٦٦) سورة الأنعام: الآية ١٢٤، وأولُها، وهي تتحدث عن المشركين: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤) فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢٥) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الآيات ١٢٤ - ١٢٧.
(١٦٧) كيف لا، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما هو حَبْر هذه الامة وترجمانها في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد مماته، وقد دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفقه في الدين ومعرفة التاويل، فقال: اللهم فقه في الدين، وعلمهُ التاويل، ورواية البخاري عنه قال: ضمَّني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى صدره، وقال: اللهم علمه الحكمة"، وهي السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>