للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب أن النجاسَةَ ليست نجاسَتُها من حيث عينُها وجَوْهَرُها، بل لعرَضٍ ووصف لاحِقٍ بذلك الجوهر، فإذا ذهبَ ذلك العرضُ من الرائحة أو اللون أو الطعْم فقد ذهبت النجاسة وزالت حقيقةً لا رخصةً، فإن الحكم تابعٌ لِلسَبَّبَ، فإذا زال سَبَبُهُ زال هو، واذا وجِدَ وُجِدَ الحكم.

قلت: ذكر شهاب الدين -رحمه الله- الفرق بين النجاسة في الباطن من الحيوان، وبين ما يَرِدُ على الباطن، (٣٢) رأيت إلحاقه بهذه القاعدة أوْلى فأقول:

الفرق بين ما ينشأ في باطن الحيوانات من النجاسات وبيْن ما ورد عليه من النجاسات، أن الذي نشأ فيه، أصله الطهارة فاسْتُصْحِبتْ، والواردُ قُضي عليه بالنجاسة قبل أن يرِدَ، فكان الأصل فيه النجاسة فاستُصْحِبَتْ، فاستصحابُ الحُكْم فيهما أوجب الحكْمَيْن المختلِفين، وسواءٌ في هذا، الدّمُ والبلْغم، والسوْداءُ والصفراء وسائر الأتفال والفضلات المائعات، وانما يقَع التنجيس بعد الانفصال، ويقع عند مالك في بعضها لا في الكل، إذْ الصفراء والْبَلغم ليسا بنجَسين عنده، بخلاف الدّم والسوداء والاتفالِ والبول، وفي العَرَق إذا كان عن نجس - قولان، واللهُ الموفِّقُ للصواب. (٣٣)


(٣٢) هو الفرق الرابع والثمانون بين قاعدة النجاسات في الباطن من الحيوان وبين قاعدة النجاسات ترد على باطن الحيوان". جـ ٢. ص ١١٩.
(٣٣) وقد ذكر الشيخ خليل رحمه الله في مختصره الأشياء الطاهرة وعدّها، فقال:
فصْل: الطاهِرُ ميْتُ ما لا دم له، والبحري ولو طالت حياته بِبَر، وما ذُكيَ وجُزُؤه إِلا محرم الأكل، وصوف ووبَرٌ وزغبُ ريش، وسْعَرٌ ولو من خنزير إن جُرتْ، والجماد وهو جسْمٌ غيْرُ حيّ وغير منفصل عنه، (كالتراب والحجر والماء) إلا المسْكِرَ، والحيُّ (اي والطاهر الحي، ودمعُه وعَرَقُهُ ولعابه ومخاطه وبيضه، ولو اكل نجسا إلا البيض المَذِرَ (أي العَفِنِ) والخارج بعد الموت، ولبن آدمي الا الميت، ولبن غَيْره تابع أي للحمه في الطهارة بعد التذكية، وبول وروْث من مباح الا المتغذي بنجس، وقيء إلَّا المتغير عن الطعام، وصفراء، وبلغَمٌ ومرارة مباح، ودَمٌ لم يسفح، وهو الباقي في عروق الحيوان المباح المذكي، ومسك وفارته (أي الجلدة التي يكون فيها، وزرع سقي بنجس، وخمرٌ تحجر او جمد لزوال الاسكار منه، (والحكم يدور مع علته وجودا أو عدما)، او خمر خُلِّلُ (أو تخلل بنفسه) لنفس العلة، وهي زوال الاسكار عنه، فهذه أشياء كلها طاهرة كما عدها الشيخ خليل رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>